يسير الحراك السياسي على خطين متوازيين، الأول خارجي باتجاه الدوحة التي قصدها بالأمس رئيس الجمهورية ميشال عون، والثاني داخلي على خط التواصل ما بين عين التينة والسراي الحكومي، في ضوء اللقاءات التي شهدها مقرّ عين التينة، والتي كانت قد ركّزت في العمق على فتح كوّة في جدار الأزمة السياسية الحادة، والتي باتت تحاصر مجلس الوزراء، وتحول دون اجتماعه منذ أكثر من شهر.
وفي هذا المجال، تتحدث مصادر نيابية مطلعة، عن عراقيل عدة ما زالت تمنع تحقيق أي تقدم على هذا الصعيد، في ظل غياب الوساطات الفاعلة من جهة، وعلى الرغم من التحذيرات الخارجية التي كانت وصلت إلى أكثر من مسؤول في الآونة الأخيرة من خطورة استمرار الأزمة الحكومية من جهة أخرى.
وتقول هذه المصادر، أنه، ومنذ اللقاء الرئاسي الثلاثي في قصر بعبدا الأسبوع الماضي على هامش احتفال عيد الإستقلال، بدأ البحث بشكل جدي بصيغة معينة للحلّ، ولكنها تستدرك بأن هذه الصيغة وإن لم تلاقِ رضىً كاملاً من المعنيين، فهي ما زالت مطروحة على طاولة النقاش وتحديداً في عين التينة، حيث شكّلت محور الإجتماع ما بين الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل ظهر أمس، بدلالة امتناع ميقاتي عن الحديث في الإعلام عن هذه الصيغة، والحظوظ التي ما زالت تملكها إلى اليوم.
ولا تقتصر صيغة الحل هذه على إيجاد السبيل لانعقاد مجلس الوزراء فقط، كما تكشف المصادر النيابية ذاتها، موضحة أن الهدف الأساسي هو تأمين ظروف سياسية مؤاتية للدعوة إلى جلسة للمجلس النيابي، تُخصّص للبحث في القضية الأساسية المتمثلة بإحالة الرؤساء والوزراء على المجلس الأعلى لمحاكمتهم، وليس أمام المحقق العدلي، وبالتالي تحقيق الفصل بين صلاحية المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت طارق البيطار، وصلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، مع العلم أن هذا التوجّه قد حصد تأييداً من الرؤساء الثلاثة في اجتماع بعبدا الأخير على ما نقلت المصادر، ولذا، بات من الممكن الحديث عن تسوية تُعيد الحكومة إلى العمل.
وفي الوقت الذي لم يتصاعد فيه الدخان الأبيض من السراي من خلال الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء، فقد ارتفع الدخان الأسود من الإطارات المشتعلة في شوارع العاصمة اول من أمس، كما تشير المصادر، والتي رأت أن هذا التحرّك الشعبي الإحتجاجي والعفوي وتزامناً مع رسائل فرنسية وغير فرنسية وصلت إلى بيروت في الأسبوع الماضي، يدقّ جرس الإنذار من خطورة استمرار الخلاف حول التحقيق في انفجار مرفأ بيروت. وبالتالي، تؤكد المصادر النيابية نفسها، أن الموقف الفرنسي قد حذّر من التأخير الحاصل في العملية الإنقاذية، والتي تبدأ بالإتفاق مع صندوق النقد الدولي على برنامج دعم يكون بمثابة الخطوة الأولى، لكي تبدأ الحكومة بتنفيذ التزاماتها بشكل ميداني وعملي، والعبور نحو مرحلة جديدة.