IMLebanon

دعوة بري المتجدّدة للحوار والترحيب بعودة الحريري

 

 

في البداية تذكير بالمبادرات السابقة ومصيرها، والدعوات إلى الحوار والتسوية لأجل انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة إصلاحية لإنقاذ لبنان من الإنهيار الشامل والكامل بعد الوضع الكارثي وغير المسبوق الذي أصاب لبنان ومؤسسات الدولة واللبنانيين في العهد السابق، والذي استمر بعده في فراغ رئاسي وحكومي ومالي، وفراغ على مستوى العقل والرؤية الوطنية وحفظ مصالح الناس، وفراغ في القوانين والتشريعات التي تعيد حقوق المودعين، وتكفل حقوق العمال والموظفين والعسكريين، وتضمن مستقبل الأساتذة والمعلّمين والمتعلّمين، وتحفظ الحريات وحقوق الملكية والسكن، وتُنصف المالكين والمستأجرين وجميع فئات الشعب المظلوم. وكلها مبادرات ودعوات لاقت المصير نفسه من الفشل بسبب الأزمات المستعصية التي باتت تهدّد الدولة ومؤسساتها في وجودها وكينونتها، وبسبب الإنقسام الطائفي الخطير، وعلو خطابه على خطاب الاعتدال الوطني الكفيل وحده بإعادة الحياة الطبيعية إلى بيروت وجميع المناطق في لبنان.

• سقوط المبادرات الفرنسية الداعمة للحوار بين اللبنانيين (في ظل معارضة المسيحيين للصيغ المقترحة)، ولإجراء انتخابات رئاسة الجمهورية، وانتهاء فترة التلزيم الأميركي لباريس والدور الفرنسي الآحادي في موضوع التسوية الرئاسية والحكومية لحساب الدور الجماعي لدول المجموعة الخماسية.

 

• التحول من صيغة التسوية الثنائية التي اقترحتها الدبلوماسية الفرنسية لموقعي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة (سليمان فرنجية – نواف سلام) إلى صيغة التسوية حصراً بموضوع انتخاب رئيس الجمهورية وفق الأصول الديمقراطية دون وضع فيتو على الأسماء من قبل دول المجموعة الخماسية التي تضم إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية كل من فرنسا ومصر والمملكة العربية السعودية وقطر.

• عدم التجاوب مع الدعوة السابقة لرئيس مجلس النواب «نبيه بري» إلى حوار السبعة أيام من قبل القوى والأحزاب المسيحية الأساسية في المجلس النيابي (الكتائب والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر). واختلال التوافق الوطني والتوازن السياسي بسبب غياب المكوّن السنّي الحقيقي عن المشاركة في العمل السياسي بعد اعتكاف الرئيس سعد الحريري قبل عامين، وعدم السير لغاية اللحظة بالتوجه نحو خيار ثالث للرئاسة في ظل تمسك الثنائي حزب الله وحركة أمل بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.

 

• عدم نضوج الحل والتسوية بين الدول المؤثرة في الشأن اللبناني، وتجميد صيغة الخمسة زائد واحد (إيران) بعد امتداد الحرب على غزة وتوسعها إلى حروب إقليمية من جنوب لبنان إلى اليمن والبحر الأحمر مروراً بالعراق وسوريا وفرضية استهداف الداخل الإيراني في حال استمرار استهداف القوات الأميركية من قبل الميليشيات المدعومة من طهران، ورمي الخارج لمسؤولية انتخاب الرئيس على القوى اللبنانية العاجزة عن إتمام الإستحقاق الرئاسي وتجاوز تبعيتها وارتهانها إلى سياسات الخارج.

• تعطيل الإستحقاق الرئاسي والديمقراطي ما قبل وما بعد الحرب على قطاع غزة وجنوب لبنان، وربطه بنتائج الحروب والصراعات في المنطقة وانتظار التسويات الخارجية دون اكتراث بمصلحة لبنان وشعبه.

الدعوة المتجدّدة للحوار وعودة الحريري

بعد اجتماعه بسفراء المجموعة الخماسية أعاد الرئيس نبيه بري مبادرته الرئاسية القديمة الجديدة ودعوته لحوار الأيام السبعة إلى واجهة الحلول المقترحة لأزمة الشغور الرئاسي مع زخم المواقف التي عبّرت عنها الدول الخمسة واقتراب عودة الرئيس سعد الحريري لإحياء ذكرى والده التاسعة عشرة في ١٤ شباط. ورَكن الرئيس بري دعوته الحواريّة المتجدّدة إلى النقاط التالية:

• إتفاقه مع سفراء الخماسية على عدم قيام دول المجموعة بترشيح أي إسم للرئاسة، وعدم وضع فيتو على أحد (بما في ذلك المرشحان الرئيسيان سليمان فرنجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون)، والمساعدة في انتخاب رئيس للجمهورية يسميه اللبنانيون.

 

• القناعة المشتركة والمتكونة لدى دول المجموعة حول تطلّب انتخاب الرئيس للتوافق بين اللبنانيين من أجل تأمين نصاب الانعقاد والانتخاب في مجلس النواب، وهو ٨٦ نائباً للانعقاد والانتخاب من الدورة الأولى، و٦٥ نائباً للانتخاب من الدورة الثانية والدورات التي تليها شرط بقاء نصاب الانعقاد قائماً أي إلزامية حضور ٨٦ نائباً من أصل ١٢٨ نائب في كافة الدورات الإنتخابية.

• تجاوب الرئيس بري مع طروحات الخماسية بكل ما يخدم الملف الرئاسي، مع تمني المجموعة اعتماد تسمية التشاور بدل الحوار، واستعداده لترك إدارة التشاور أو الحوار ورئاسته إلى نائب رئيس المجلس «إلياس بو صعب» إذا اقتضى الأمر.

• التأكيد على معادلة لا انتخاب ولا جلسات متتالية من دون تشاور أو حوار لتأمين النصاب للانعقاد ولانتخاب رئيس للجمهورية. وعدم قدرة الرئيس بري من وجهة نظره على منع مقاطعة أي فريق لأي جلسة، واعتباره المقاطعة حقاً دستورياً يمكن ممارسته من قبل أي كتلة نيابية أو نائب.

• ترحيب الرئيس بري بعودة الحريري المرتقبة في الذكرى ١٩ لوالده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والتي يمكن أن تؤسس لعودته إلى العمل السياسي، وقوله: «أهلاً وسهلاً بعودتك للعمل السياسي عندما تقرر»، ورأي الرئيس بري بأن الانتخابات النيابية الأخيرة قد أثبتت أن الرئيس سعد الحريري هو الناجح الأكبر على الرغم من اعتكافه وعدم مشاركته بها.

وكالعادة انقسمت المواقف من دعوة الرئيس بري المتجدّدة للحوار بين من رفضها بشكل مطلق وبين من أيّدها ورأى فيها ضرورة للخروج من مأزق الشغور في سدة الرئاسة، وطريق لعودة تفعيل العمل المؤسساتي بدءاً من موقع رئاسة الجمهورية وتشكيل حكومة إصلاحية قادرة على العمل والتعاون مع الأشقاء العرب والمجتمع الدولي للنهوض مجدداً بلبنان. الفريق الرافض لمبادرة الرئيس بري الحوارية رأى في امتناعه عن الدعوة إلى جلسات انتخاب متتالية لانتخاب رئيس الجمهورية وفق الأصول الديمقراطية، واشتراطه إجراء الحوار قبل ذلك بهدف التوافق وتأمين النصاب المطلوب للانعقاد والانتخاب، مسألتين وعقبتين من شأنهما تضييع فرصة إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل الوقوع في المحظور وما هو أسوأ من الواقع الراهن، وتكريس واقع غياب الدولة وعدم انتظام مؤسساتها عبر هذه الممارسة المتضمنة لمخالفة واضحة من وجهة نظر هذا الفريق لروح ونص الدستور. وفي المقابل دعا النائب «هادي أبو الحسن» أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي، وهو من المؤيدين لدعوة الرئيس بري، إلى تلقّف مبادرته وكلامه حول التشاور والحوار الذي اعتبره إيجابياً جداً، وأشار إلى أن زعيم المختارة «وليد جنبلاط» يرصد المشهد في المنطقة بواقعية كبيرة وهو يقول أنه مع أي خيار سواء كان فرنجية أو غيره.

هل نكون أمام تشاور أو حوار جامع مدعوم من المجموعة الخماسية في المرحلة القادمة؟ هل ينجح التشاور الثنائي كما طرحته القوات اللبنانية عبر «شارل جبور» رئيس جهاز الإعلام والتواصل على غرار ما حصل في موضوع التمديد لقائد الجيش؟ وهل ينعكس قرار الرئيس الحريري بشأن إمكانية عودته إلى العمل السياسي إيجاباً على عملية إنجاح التشاور والحوار بين مختلف القوى الوطنية؟ لننتظر…