منذ بروز معالم «تقاطع» بعض الكتل النيابية المعارضة مع «التيار الوطني الحر»، على تبني ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور إلى رئاسة الجمهورية، برز استنفار يغلب عليه التوتر في صفوف قوى الثامن من آذار، التي تدعم ترشيح رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، بعد أن كانت تراهن على عدم قدرة الأفرقاء الآخرين على الاتفاق على أي اسم منافس له، لكن التحول الأبرز كان في إعلان كتلة «اللقاء الديموقراطي» أيضاً دعمها أزعور، الأمر الذي أوحى لهذه القوى بأن ما يجري أبعد من مسألة «التقاطع» التي يتحدث عنها النواب.
تقرأ مصادر قيادية بارزة في فريق 8 آذار التغيرات بشكل جدي، ففي احلك ظروف لبنان خلال العام 2005، لم يجد الثنائي الشيعي نفسه وحيداً بهذا الشكل، فبعد اعتكاف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، خسر نبيه بري فريقاً سياسياً عريضاً يمثل طائفة بأكملها كانت تفرض التوازن بين السلطات، وما كان يخشاه بري وقاله خلال إحدى الجلسات بعد قرار الحريري بالخروج من الحياة السياسية حصل فعلاً، وهو أن قرار الحريري سيُخرج الطائفة السنية، وسيجعل المواجهة شيعية – مسيحية، وهذا ما نعيشه اليوم.
كذلك، قرر وليد جنبلاط منح نجله تيمور «المسؤولية» في ظروف حالكة، فبحسب المصادر لم يكن جنبلاط الأب راضياً على قرار اللقاء الديموقراطي وكان يفضل الحياد، لكن لنجله رأي مختلف، وقرار جنبلاط الأب كان واضحاً بأن كسر تيمور مرة سيكون للأبد، وهكذا خسر بري أيضاً حليفاً وصديقاً كان يمكن أن يؤدي دورا بارزا في المعركة الماثلة أمامنا.
ليس بري وحده من خسر الحلفاء، فبعد كل ما فعله حزب الله لحليفه التيار الوطني الحر، لم يكتف التيار ورئيسه جبران باسيل بمعارضة خيار الحزب الرئاسي، بل قرر التحالف مع خصوم الحزب ودعم المرشح الذي يهدف لضرب ترشيح سليمان فرنجية، وهذا ما لم يعد مهما بحسب المصادر التي ترى أن المسألة باتت أبعد من تطيير فرنجية، وتقدّم صورة عن مشروع سياسي واضح يستهدف الثنائي، وهو أبعد من الرئاسة.
هذا بالنسبة الى الواقع السياسي المستجد، أما بالنسبة الى الجلسة النيابية الأربعاء والسيناريوهات المتوقعة، قبل الإعلان الاشتراكي ، فكانت قوى الثامن من آذار قد قررت التصويت، في الجلسة الرئاسية يوم الأربعاء المقبل، لمصلحة فرنجية، في حين كانت قد برزت قبل ذلك مجموعة من السيناريوهات، منها مقاطعة الجلسة أو العودة الى خيار الورقة البيضاء، الأمر الذي قد يكون له تداعيات خطرة على واقع مرشحها، الذي أصبح من الصعب أن ينال، في دورة الاقتراع الأولى، عدداً أكبر من الأصوات التي سينالها أزعور، إلا إذا حصلت مفاجأة ما في اللحظات الأخيرة التي تسبق الجلسة، وهو امر مستبعد حالياً بحسب مصادر قيادية في هذا الفريق.
بعد كلام جنبلاط، تكشف المصادر أن خيار المقاطعة عاد ليكون خياراً أساسياً على طاولة التباحث بين المعنيين الذي تواصلوا بعد اعلان قرار اللقاء الديموقراطي، ولهم لقاءات خلال نهاية الأسبوع وبداية الأسبوع المقبل، مشيرة الى أن ما يجري لم يعد بالإمكان التعامل معه من باب الأرقام والأعداد والأصوات، بل أصبح في مكان آخر بالسياسة، سيكون له تداعيات حتماً.
في مطلق الأحوال، بحال حصول الجلسة، قد يكون رهان هذه القوى الأساسي هو على عدم قدرة أزعور على نيل الأصوات اللازمة في دورة الاقتراع الأولى، أي 86 صوتاً، لكن الكثير من الأسئلة تطرح حول الدورة الثانية، حيث لا يحتاج فيها أي مرشح إلى أكثر من 65 صوتاً، الأمر الذي يفتح الباب أمام سيناريوهات من الممكن أن تذهب إليها، أبرزها تعطيل النصاب، كيلا تجد نفسها أمام خطر وصول مرشح لا ترضى عنه، لكن هذا لا يلغي أن مجرد حصول المرشح المنافس لفرنجية على عدد أكبر من الأصوات التي سيحصل عليها، سيكون له تداعيات كبيرة على واقع المعركة الرئاسية، وبالتالي يمكن القول ان حتى ما قبل انعقاد الجلسة، ما قبل قرار اللقاء الديموقراطي ليس كما بعده.