يترقّب لبنان اليوم الساعة الحادية عشرة، هل يوافق رئيس الجمهورية ويوقّع على تشكلية الرئيس المكلّف مصطفى أديب أم لا، الذين يراهنون أنّ الرئيس سيوقّع تشكيلة أديب لأنّه غير قادر على تحميله تعطيل تشكيل الحكومة أمام الرئيس الفرنسي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، هؤلاء نحيلهم على تشرين الأول من العام 1990 عندما أعلن الجنرال ـ في تلك العالم ـ ميشال عون جملته الشهيرة «يستطيع العالم أن يسحقني ولن يأخذ توقيعي»، وكان ذاك توقيعه على اتفاق الطّائف، لذا لا ننصح بالرهان على توقيعه بل على ترقّب الأحداث فقط!
بالأمس انتبه الوزير جبران باسيل إلى موضوع التوقيع الشيعي والمثالثة الذي حذّرنا منه كثيراً، سبق وكتبنا عن «الرئاسة الثانية تضغط بكلّ الطرق لفرض توقيع «شيعي» لوزارة المال التي ستحتكرها «الطائفة الشيعيّة» بناء على مداولات شفهيّة من مؤتمر الطائف الذي بات يحتاج إلى تفسير واضح لكلّ البنود الملتبسة فيه،وهذه حقيقة لا ينفع التهرّب منها لأنّها قد تقود يوماً ما إلى حروب أهليّة جديدة! (…) الرئاسة الثانية للطائفة الشيعيّة وقد أحكمت القبضة عليها على مدى ربع قرن وحتى اليوم، ثمّ هل الطائفة المسلّحة الوحيدة بترسانة صواريخها مازالت محرومة وهي التي تلقي القبض على لبنان بذراع إيران العسكري وعلى الشوارع والأزقة في مناطق كثيرة من لبنان تحت عنوان سرايا المقاومة؟!»…
وسبق وكتبنا أنّ ضغوط «الثنائيّة الشيعيّة قد نجحت بفرض «توقيع وزير المالية الشيعي» على المراسيم التي يوقعها رئيسا الجمهوريّة والحكومة، هل سيكون هذا التوقيع الشيعي قادراً على تعطيل أي مرسوم يحمل توقيع رئيسين، هل يستطيع وزير بعدم توقيعه على مرسوم أن يعطّل سلطة توقيع رئيس الجمهوريّة ورئيس الحكومة؟ أخوف ما نتخوّف منه هو السعي إلى تعطيل سلطة توقيع المراسيم المنوطة برئيس البلاد ورئيس حكومته ثمّ الوزير المختصّ، ثمّة من يضع عصيّ تعطيل كثيرة في دولاب «المراسيم» تمهيداً للوصول إلى «مثالثة» مكرّسة من دون الحاجة إلى الحديث عن تعديل الطائف الذي لم يحدّد نصّاً طوائف الرؤساء الثلاثة، ومع هذا اقتضى العرف اللبناني أن تتوزّع الرئاسات الثلاث على طوائف ثلاث، نحن أمام «مثالثة» تعطيل أي حكومة عبر توقيع وزير المال الشيعي».
المثالثة طرحٌ إيرانيّ بامتياز،ولا شأن لفرنسا به، بل على العكس هذا اقتراح قدّمته إيران لفرنسا في إطار ثمن تسليم حزب الله لسلاحه، ففي تشرين الثاني العام 2006 نشرت صحيفة «كيهان» الإيرانية ـ المحسوبة على علي الخامنئي مرشد جمهورية إيران ـ مقالة تدعو فيها إلى «تغيير موازين السلطة في لبنان لمصلحة الطائفة الشيعية» وهذا نصّها:»في ظل النظام الإستراتيجي الجديد الذي برز في الشرق الأوسط، صار واجباً أن يكون للشيعة في لبنان أكبر حصة في المؤسسات الحكومية والرسمية. وعلينا أن نرى ونتابع كيف تتطور الأمور. إن لبنان يواجه تغييرات لا تستطيع الحكومة الراهنة أن تعالجها. لهذا، من الضرورة تغيير المؤسسات فيها، وأول ما يجب تغييره هو اتفاق الطائف. إنَّ الشيعة يمثلون اليوم 40% من السكان اللبنانيين،ويشغلون 40%من الأرض اللبنانية، وهم المجموعة الأكثر وحدة وتوحداً فيه، وصارت قوتهم العسكرية الأقوى في تلك المنطقة من العالم العربي، لذلك يجب أن يكون لهم التمثيل الأكبر والأوسع في الحكومة وفي البرلمان وفي كافة المؤسسات اللبنانية»، فهل بعد هذا الكلام أدنى شكّ أن «المثالثة» سعى إليها حزب الله ومعه حليفه الرئيس نبيه بري، وتوالى تطبيقها بالإكراه تحت مسمّى «الثلث المعطّل» أو «حكومة وحدة وطنيّة» والثنائي الشيعي حتى اليوم يمارسها بصيغة تعطيل البلاد وتطيير الرئاسة الأولى وشلّ الثالثة!! قولوا لنا أليس هذا ما يحدث منذ العام 2008 وبالإكراه؟!