ما زالت الأمور عند النقطة التي انفجرت فيها:
لا تقدُّم في الوساطات، لا فرص للمعالجات، المكابرة سيدة الموقف، والنتيجة التي لا نتيجة سواها أنَّ البلد دخل، أو يكاد، في أزمة كبيرة يُخشى أن تكون أزمة مفتوحة قد تُشكِّل تهديداً لمصير الحكومة ولاستحقاقات مجلس النواب، كما للإستحقاقات الدولية المرتبطة بلبنان أو من أجل لبنان.
فلليوم الرابع على التوالي، منذ أزمة التسريب، فإنَّ كلَّ الإتصالات والوساطات والمعالجات بين بعبدا وعين التينة اصطدمت بحائط مسدود، كان هناك طلب بالإعتذار، فجاء الرد بالإكتفاء بإبداء الأسف، حتى أنَّ البيان الرئاسي الصادر عن قصر بعبدا، اعتبر البعض أنه لم يُنهِ الأزمة بين الرئيس برّي والتيار الوطني الحر، ولم يكن هو الحل المرتجى أو المطلوب.
في المقابل، هناك من يقرأ في بيان الرئيس عون، أنه السقف الوطني الذي من خلاله يمكن استيعاب التطورات وإعادتها إلى حجمها، ومن شأنه أيضاً فتح المجال أمام النقاش الهادئ بعيداً عن الشارع ولغة الشارع.
***
في المقابل، فإنَّ قراءة عين التينة لما يجري مختلفة تماماً، بوجود مَن يعتبر أنَّ هناك محاولات للعودة بالأداء العام على مستوى الدولة، إلى ما قبل الطائف، من خلال القفز فوق بنوده وفوق بنود الدستور المنبثق عنه، ومن خلال خلق أعراف جديدة وتثبيتها.
***
هذا الجو المشحون والذي ينذر بمزيد من العواصف السياسية، من شأنه أن يبدأ بالتأثير على مساعٍ دولية لمساعدة لبنان. في هذا السياق يمكن التنبه إلى تحرك فرنسي للإعداد لمؤتمر باريس – 4 أو ما بات يعرف بسيدر – 1، وفي هذا المجال تحدثت معلومات أنَّ مبعوثاً فرنسياً يزور السعودية في سياق التحضير للمؤتمر وللمشاريع التي ستعرض لمساعدة لبنان. السؤال الذي يطرح نفسه هنا:
كيف للدول أن تتحرك لمساعدتنا، فيما الصورة من داخل لبنان إلى الخارج هي صورة سجالات خرقت كل السقوف ومشاهد لدواليب مشتعلة وقطع طرقات؟
***
هكذا فإنَّ ما بات يُعرف بالحريق السياسي أصبح أكثر عمقاً من أن يُعالج بإعتذار أو مسامحة، فالملف أصبح كبيراً بين بعبدا وعين التينة، من خلافات الصلاحيات والأعراف، وصولاً إلى مرسوم الأقدمية. فكيف سيستمر التعايش بين بعبدا وعين التينة في السنوات الخمس للعهد؟
***
السؤال الذي يقضُّ مضاجع اللبنانيين هو:
هل يؤدي هذا الإحتقان إلى تأجيل الإنتخابات النيابية؟
حتى اليوم الجميع يؤكد حصولها، فالرئيس بري وبعد وداعه الرئيس الألماني على مدخل مقره في عين التينة سأله الصحافيون:
هل أنت خائف على الإنتخابات؟
فأجاب: لا، لا، لا. لكن في المقابل، لا بد من التذكير بما سبق وقاله رئيس مجلس النواب من أنَّ هناك دولتين تعملان على تأجيل الإنتخابات، لم يذكر إسم أي منهما.
***
هكذا، الوضع رمادي بإمتياز ومفتوح على كل الإحتمالات.