IMLebanon

العام السادس للحرب :  لا حسم ولا تسوية

حرب سوريا دخلت عامها السادس من دون أن يلوح ضوء في نهاية النفق. فلا التدخل العسكري الروسي، وهو الانخراط الأهم والأقوى في القتال، قاد الى الحسم الاستراتيجي في الحرب. ولا مسار جنيف منذ العام ٢٠١٢ مروراً بالقرارات الدولية وبيانات مجموعة فيينا وصولاً الى الاتفاق الروسي – الأميركي على وقف الأعمال العدائية ثم الانسحاب العسكري الجزئي الذي فاجأ به الرئيس فلاديمير بوتين الجميع وجلس يتفرج على برج بابل من التحليلات والقراءات في الخطوة، أدى الى اختراق في العملية السياسية. وأقصى ما يأمل فيه بوتين والثنائي لافروف – كيري والرئيس باراك أوباما الذي سئم الشرق الأوسط المعقد وقادته حسب ذي اتلانتيك، هو صمود الهدنة الجزئية وبقاء الباب مفتوحاً للتسوية.

لكن اللعبة في جنيف-٣ لا تزال على حالها: دوران داخل المأزق. كل طرف يتحدث عن حل سياسي بمفهوم الحل العسكري الذي ثبت أنه مهمة مستحيلة بالنسبة الى الأطراف جميعاً. فالتصور الذي يطرحه وفد النظام للعملية السياسية هو عملية تجميل باضافة معارضين الى الحكومة ذات الصلاحيات المحدودة ضمن صورة النظام كما كانت قبل ٢٠١١. وما يطلبه في الشكل هو تقطيع الوقت لتفادي التحادث في الجوهر. والتصور لدى وفد المعارضة هو من النوع الذي يصعب تحقيقه من دون حسم عسكري. اذ يعرف المعارضون أن إقامة هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات كاملة مؤلفة من ممثلي النظام والمعارضة مشروطة ب القبول المتبادل، أي اللغم الذي زرعه لافروف في بيان جنيف.

ذلك ان وفد النظام يطالب باشراك كل المعارضات في المحادثات، على أساس أن وفد اجتماع الرياض ليس وحده الطرف المقابل. والواقع ان الاطراف المنخرطة في الحرب اكثر من الاطراف المدعوة الى محادثات التسوية، سواء الى جانب النظام أو الى جانب المعارضة. ثم ماذا عن داعش وجبهة النصرة وبقية التنظيمات الارهابية التي لا تزال في مواقعها الأساسية، وسط كل الكلام على محاربة الارهاب؟

لا شيء يوحي أن وظيفة داعش انتهت. فمن يرفع شعار لا تسوية قبل القضاء على الارهاب، يعرف أنه لا نجاح كاملاً في محاربة الارهاب من دون تسوية سياسية توحد الجهد العسكري. ومن يتحدث عن انتصارات، يتجاهل عبثية المفاخرة بأرباح في بلد مقسم بقوة الأمر الوقع الى خلافة وإمارات وحكم ذاتي وجمهورية. نصف شعبه نازح في الداخل والخارج، ونصف الباقين في حاجة الى مساعدات. ثلاثمئة ألف قتيل، مليون جريح، عشرات آلاف المعتقلين، وملايين الأطفال بلا مدارس. والأخطر من دمار العمران تخريب النسيج الوطني الاجتماعي.

وكل هذه المآسي من أجل صراع المشاريع والمحاور. –