كنعان يصوِّب باستمرار ضد مسؤولي «تيار المستقبل» في الدولة ليغطّي على فشل أداء تياره السلطوي
إذا كان النائب كنعان حريصاً على المهمة التي يوكلها لنفسه ويدّعي بأنها إصلاحية بالفعل، لكان عليه أن يشمل في مهمّته كافة الإدارات والوزارات
من يتابع الأداء السياسي لرئيس لجنة المال النيابية إبراهيم كنعان، إن كان خلال ترؤسه اجتماعات اللجنة لمقاربة ملفات مالية أو ما يُطلق عليها ملفات «الفساد» وما شابه أو ملف التوظيفات غير القانونية في القطاع العام، أو ما يتعلق بجلسات دراسة مشروع موازنة العام الحالي التي اقرها المجلس النيابي الأسبوع الماضي ويتابع سيل التصريحات والمواقف التي أطلقها بلا توقف، لا بدّ له ان يخرج بالملاحظات الآتية:
الملاحظة الاولى: الادعاء بكشف ملفات «فساد وهدر وسرقة» للمال العام، لا سيما في ملف مبلغ الاحدى عشر مليار دولار، وتوجيه الاتهامات ومن خلال الايحاءات والاشارات إلى حكومات الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس سعد الحريري بالمسؤولية عنها وحتى أبعد من ذلك، في بعض الأحيان بالتماهي والتنسيق مع عضو اللجنة نائب «حزب الله» حسن فضل الله الذي أقام الدنيا واقعدها مع كنعان بهذا الخصوص في الأشهر القليلة الماضية.
الملاحظة الثانية: تسليط الضوء على الوزارات والإدارات التي يتولى مسؤولياتها وزراء أو موظفون محسوبون أو ينتمون لتيار «المستقبل» كما هي الحال مع «أوجيرو» وغيرها كوزارة الاتصالات مثلاً، وتصوير واقع هذه الإدارات والوزارات وكأنها «مرتعاً» للفساد والتوظيفات غير القانونية والصرف الكيفي والهدر دون حسيب أو رقيب.
الملاحظة الثالثة: تجنّب التطرق أو التلميح للوزارات والإدارات التي يتولاها أو تولاها وزراء وموظفون ينتمون للتيار الوطني الحر أو من «حزب الله» أو من حلفائهم المقربين، باعتبار هذه الوزارات أصبحت رمزاً للمثالية الإدارية والوظيفية ولا تشوبها شائبة أو تصرف غير قانوني أو هدر للمال العام أو سرقته.
الملاحظة الرابعة: استغلال مناقشات في مواجهة مشروع الحكومة من خلال القيام بإجراء تعديلات على بعض بنودها بالرغم من موافقة وزراء «التيار» بالحكومة وعلى رأسهم رئيسه على هذا المشروع دون تحفظ في جلسة مجلس الوزراء، في حين تبين بوضوح ان الادعاد أو الايحاء بمثل «الاصلاحات» كان يُخفي في طيّاته اجراء اقتطاعات مالية غير مبررة، تناولت العديد من الإدارات والمؤسسات التابعة لرئاسة الحكومة في تصرف ملتبس ومكشوف وهو ما تنبه اليه رئيس الحكومة خلال جلسة إقرار الموازنة ورفض بشدة تمريره تحت أي صيغة كانت لأن الهدف واضح وهو التكامل المنسق مع حلفاء «التيار العوني» لاستهداف الرئيس الحريري مباشرة، من خلال اضعاف وشل قدرة هذه الإدارات على العمل بالقيام بالمهمات المنوطة بها.
وهكذا تواصل الأداء السياسي لكنعان طوال المرحلة الماضية والحالية، وتتابعت تصريحاته ومواقفه على هذا المنوال، يستيقظ صباحا على تصريح ويدخل المجلس النيابي بموقف وخلال الجلسات بعدها يعقد مؤتمرات صحفية يتحدث فيها عن «النزاهة» ومكافحة «الفساد» واثناء العطل والاعياد لا يوفّر فيها مناسبة تمر الا ويصوب السهام على خصومه السياسيين ويتهمهم بشتى النعوت والاوصاف، مواربة أو مباشرة أو بالايحاء والايماء في بعض الأحيان.
لم تحصل كثرة التصريحات وإطلاق المواقف وتسديد الاتهامات ضد وزراء وادارات والمسؤولين التابعين لتيار «المستقبل» هكذا سدى وإلصاق شتى التهم فيهم وإنما لذر الرماد بالعيون وإيهام الرأي العام بأن مثل هذا الاسلوب المكشوف يُمكن ان يغطي على الأداء السيىء للتيار العوني الذي ينتمي إليه كنعان أو يطمس الارتكابات وهدر المال العام على مصراعيه للوزارات والإدارات التي تولى مسؤولياتها منذ انخراطه بالسلطة قبل أكثر من عشرة أعوام.
فإذا كان النائب كنعان حريصاً على القيام بالمهمة التي يوكلها لنفسه ويدعي بأنها إصلاحية بالفعل، لكان عليه ان يشمل في مهمته كافة الإدارات والوزارات في الدولة من دون استثناء واولها، وزارة الطاقة التي تعاقب عليها أكثر من وزير في «التيار الوطني الحر» وفي مقدمتهم رئيس التيار الحالي جبران باسيل وفي أكثر من حكومة، وحصل من الخزينة العامة للدولة على مليارات الدولارات طوال تسلمه مهماته في أربع حكومات متتالية بذريعة تطوير «التيار الكهربائي» وتزويد اللبنانيين بالكهرباء 24 ساعة يومياً كما أعلن ذلك مراراً امام الرأي العام وقام بتوظيفات داخل الوزارة دون حسيب أو رقيب ولكن كل ذلك لم يتحقق وكان تولي باسيل لهذه الوزارة عنواناً للفشل الذريع وهدر طائل للأموال لم يتوقف حتى اليوم، في حين ان الإنجاز الوحيد الذي تحقق جرّاء ذلك هو تركيب «العدادات» على مولدات الكهرباء التي أصبحت اليوم رمز فشل إدارة «التيار العوني» لهذا القطاع، ناهيك عن تجنّب التطرق إلى مسؤولية حلفاء «التيار» وتحديداً «حزب الله» ومن يأتمر بأمره في إلحاق الضرر بالاقتصاد اللبناني، إن كان بالممارسات اللاقانونية في استعمال السلاح غير الشرعي ضد اللبنانيين في السابع من أيّار أو احتلال وسط بيروت أو إبان حرب تموز وغيرها من الأحداث التي كلفت الاقتصاد واللبنانيين مليارات الدولارات، أو ممرات التهريب المحمية وغيرها وإدارة أعمال غير مشروعة في أكثر من قطاع.
فكثرة المواقف وسيل التصريحات التي يطلقها النائب كنعان في اطلالاته الإعلامية التي لا تتوقف والموجهة ضد جهات سياسية وادارات محددة يتولى مسؤوليتها وزراء ومسؤولون ينتمون لتيار المستقبل دون غيرهم على هذا النحو والادعاء زوراً بأنه يهدف جرّاء ذلك لمكافحة الفساد وإصلاح شؤون الدولة، لن تغطي على سوء الأداء السياسي والوزاري لمعظم مسؤولي «التيار الوطني الحر»، ولن تحرّف الوقائع والحقائق باتجاهات معاكسة، لأن كثرة الكلام تصبح مثل قلته حسب المثل الشائع، ولا بدّ أن ينقلب السحر على الساحر في النهاية ويظهر كل شيء على حقيقته.