إنّ صح ما نقل بالأمس عن مصادر بأنّ «حزب الله يسعى الى تأمين الثلث الضامن له ولفريقه السياسي، بشكل صاف ومن دون وزير ملك»، فهذا يعني أنّنا «مكانك سر»، وأنّه وبالرّغم من مرور سنوات عشر على بدعة «الثلث المعطّل»، لم يتغيّر شيء في الواقع «الحكوماتي» اللبناني!
التجربة في لبنان خير برهان مع حزب الله، نحن أمام فريق يتنكّر متى حانت اللحظة لكلّ تعهّداته والتزاماته واتفاقيّاته وينقلب عليها، جرّبناه على طاولتي حوار في العام 2006 وفي العام 2009، في المرتين انقلب على تعهداته، وآخرها اتفاق بعبدا، وجرّبناه في الثلث المعطّل أو الضامن وكانت النتيجة استقالة من الحكومة بالرغم من التعهد في اتفاق الدوحة بعدم الاستقالة، ثمّ مشهد القمصان السود، إن صحّ ما تردّد بالأمس فبرأينا «بلا هالوجعة الراس»، ودعوه يشكّل حكومة بمعرفته!
ما يخيفنا حتى بعد تشكيل الحكومة العتيدة أن يستمر انهيار الدولة اللبنانيّة وأن يستمرّ نزيف مؤسساتها، لأنّنا أمام واقع عصيّ على الإصلاح، مع ملاحظة أنّ مؤتمر سيدر وضع الدولة اللبنانية أمام خيار واضح، ولكن السؤال الضاغط أي حكومة ستستطيع مواجهة غول الفساد المستشرس في البلد وبصورة غير مسبوقة منذ مرحلة ما بعد الحرب، إصلاح عجزت عنه كلّ الحكومات على مدى ثمانية وعشرين عاماً، مع العلم أنّه لا توجد خطّة واضحة لبلوغ الإصلاح والقضاء على الفساد!
وإن صحّ ما قيل عن «إصرار الحزب على إحياء وزارة التخطيط مجدداً» وان تكون بعهدته، فهذا سيضع الدولة اللبنانيّة في مأزق مواجهة دول مؤتمر سيدر التي لن ترضى تقديم قروضها ومنحها لتكون في يد حزب تصنّفه إرهابياً ـ تسكت حتى الآن عن وجوده في الحكومة ـ فكيف ستسكت عن وضع تقديماتها لإنقاذ لبنان في وزارة يقبض عليها حزب الله، هذا بمعزل عن رأينا بمجالس الإنماء والإعمار وعلامات الاستفهام الكثيرة عليها!
حتى اللحظة من غير الواضح ما هو الوقت الذي قد يستغرقه تشكيل الحكومة، والحديث عن الوضع الإقتصادي الضاغط ما زال هو نفسه منذ أعوام، حتى وإن بدا جميع الفرقاء يستعجلون تشكيل الحكومة، إلا أنّ الجميع وعند البدء بالحديث عن توزيع الحصص «ستطلع الصرخة»، وسيجد التشكيل عشرات العصي في دواليب التشكيل، السياسة في لبنان قهريّة وتسير بعقليّة العرقلة لمصلحة الفرقاء لا لمصلحة لبنان، «النكاية» عرفٌ لبناني شديد القيمة في السياسة اللبنانيّة، وقابل الأيام كافٍ لتأكيد هذا الأمر!
لا نستطيع تجاهل قلق العقوبات التي سيواجهها حزب الله وبيئته، ومن غير الواضح ما هي الحماقات التي قد يرتكبها الحزب إن دخل مرحلة لفظ أنفاسه بفعل العقوبات على إيران وعليه والاستعداد لإخراجهما من سوريا، وهو مدرك لذلك، حتى عند جمهور الضاحية وشعب المقاومة حزب الله «طلع من عينين ودينين»، لذا بات الحزب مضطراً للاختباء جيّداً في الدولة اللبنانية وحكومتها.
ثمة مثل لبناني شعبي يقول «الحيّة إذا انضاقت بتعضّ بطنها»، في الأيام المقبلة سيكون حال حزب الله من حال هذه الأفعى المحشورة و»المنضاقة»، وللأسف ليس بطنها إلا لبنان ودولته وشعبه، بصرف النّظر عن الحكومة وتشكيلها بثلث معطّل ومن دونه!
ميرڤت سيوفي