على الرغم من غياب التطوّرات السياسية على الساحة الفلسطينية في مخيّمات لبنان، فإن أوساطاً مسؤولة في مخيّم عين الحلوة، كشفت عن قلق من المناوشات والإشكالات التي تُسجّل في بعض هذه المخيّمات، وبشكل خاص عين الحلوة، نتيجة التطوّرات في المنطقة، وذلك نظراً لارتباطات بعض الفصائل الإقليمية، وخصوصاً على خط العراق والأردن وسوريا، وصولاً إلى ليبيا، إضافة إلى العلاقات المتقدمة بين حركة «حماس» و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» مع إيران.
من هذا المنطلق، لاحظت الأوساط، أن المنحى التصاعدي للمناكفات التي تشهدها المخيّمات، يأتي أولاً من الأوضاع الإجتماعية المزرية، ولا سيما بعد قرار وزير العمل كميل أبو سليمان، وما واكبه من أخذ وردّ، والذي لا يستهدف العمالة الفلسطينية فحسب، لا سيما وأن أكثر من موقف صدر مؤخراً لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، يؤيّد ويدعم القضية الفلسطينية ويدين الإنتهاكات الفلسطينية في المسجد الأقصى.
إنما، ووفق الأوساط نفسها، فإن هذه الأوضاع الإجتماعية المأزومة، وخصوصاً على الصعيدين الصحي والتربوي، نتجت عن تقليص المساعدات التي تقدّمها منظمة «الأونروا» للاجئين الفلسطينيين، في حين ثمة معاناة في الداخل الفلسطيني، ولا سيما على صعيد رواتب موظفي هذه السلطة، وبالتالي، فإن هذه الأزمات ترجمت ردود فعل سلبية داخل المخيّمات، وذلك في ضوء معلومات عن بلبلة وتململ من قبل المسؤولين الذين انتقدوا عدم تشكيل لجنة تتابع هذه المسائل من قبل السلطتين اللبنانية والفلسطينية، علماً أن هذا ما تم الإتفاق عليه مؤخراً.
وفي هذا السياق، فإن المسؤول عن الملف اللبناني ـ الفلسطيني من قبل رئيس الحكومة الوزير الأسبق حسن منيمنة، لم يتوصل إلى أي حلول لهذه المعضلة، خصوصاً وأن الأزمة الإقتصادية والمالية، تحول دون أن تقوم الدولة اللبنانية بتحمّل أعباء هذه المسؤولية العربية والدولية مجتمعة.
وبالتالي، فإن القلق من أي توتر قد يحصل يبقى قائماً في أي توقيت ومن دون أي إنذار، بسبب التطوّرات الدراماتيكية على أكثر من ساحة في المنطقة، إضافة إلى فرار الكثير من الأصوليين والمتطرّفين من سوريا والعراق إلى المخيمات الفلسطينية، ولا سيما في عين الحلوة.
وبالتالي، فقد تحدثت الأوساط نفسها، عن عامل آخر مؤثّر بواقع المخيّمات، وقد يكون الأبرز، وهو أن ثمة أطراف إقليمية تقوم بتصفية حسابات فيما بينها على خلفية الحروب المشتعلة في المنطقة، وذلك عبر فصائل فلسطينية تابعة لها من المتشدّدين والأصوليين والمتطرّفين، ولكن في موازاة ذلك، تؤكد أن حركة «فتح» تمسك بالوضع في معظم المخيمات، وكان لها الدور الأساسي في تجنيبها أية حروب وخضات جديدة عبر تنسيقها مع السلطات اللبنانية، ومن خلال توجّهات مباشرة من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ولكن يبقى الوضع الإجتماعي قنبلة موقوتة قد تُستغل لأي اهتزازات أمنية، وفي أي مخيم فلسطيني، إذا ما استمرت الأمور على ما هي عليه، وربطاً بالحالة الإقليمية القادرة على توجيه رسائل أمنية من خلال أكثر من جهة تتبع لهذا المحور أو ذاك.