طغى الإشتباك السياسي بين المختارة وخلدة على الأجواء الإنتخابية، وإن كان الجزء الأساسي منه يصّب في إطار التجييش الإنتخابي، وبالتالي، أن الكتاب المفتوح من وزير المهجرين طلال إرسلان إلى رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، والذي يُعتبر الأول من نوعه في سياق العلاقة السياسية بينهما، فذلك أعاد الأمور إلى نقطة الصفر بين الزعيمين الدرزيين، في ظل معلومات عن تصعيد وسجالات بلغت ذروتها على مواقع التواصل الإجتماعي من قبل محازبي ومناصري الحزب التقدمي الإشتراكي و«الديموقراطي اللبناني»، ناهيك عن التوتّرات التي حصلت لدى إعلان اللائحة الإرسلانية في عاليه، وتحديداً عملية إطلاق النار التي جرت في المدينة، ما أدّى إلى قطع بعض الطرق وتدخل الأجهزة الأمنية لإعادة فتحها، وذلك في ظل بيانات وبيانات مضادة من قبل الإرسلانيين والجنبلاطيين على خلفية ما حصل في مدينة عاليه.
أما ماذا عن تأثير هذه العلاقة المتوتّرة، والتي خرجت إلى العلن ومن الصعوبة بمكان إصلاحها في هذه المرحلة، فإن مصادر سياسية، تشير إلى أن النائب جنبلاط، والذي بدا مستاءاً من تصرفات الوزير إرسلان، وحيث ردّ ببعض العبارات على تويتر تتضمن السخرية وعلى طريقته، فإنه، ومن خلال الأجواء المتداولة، سيسعى إلى ضمان أكبر نسبة فوز في لائحة عاليه والشوف، وخصوصاً المقعدين المارونيين في عاليه، إذ سيوزّع الصوت التفضيلي على المرشّح عن المقعد الماروني راجي نجيب السعد، وحيث لهذه العائلة روابط وثيقة وتاريخية مع المختارة، ومع عائلات الجبل الروحية برمّتها، إلى النائب هنري حلو، وذلك على خلفية توجيه رسالة لإرسلان تتمحور حول دور الأحجام السياسية والإنتخابية، وبالتالي، أن يحظى النائب أكرم شهيب بأعلى نسبة أصوات تفضيلية لمنافسة إرسلان كما في الدورات السابقة.
وما ينسحب على عاليه يطاول الشوف أيضاً، إذ وبعدما أبدى رئيس «اللقاء الديمقراطي» استياءه من تصرّفات رئيس الحكومة سعد الحريري، والتي أدّت إلى إبعاد النائب أنطوان سعد عن لائحة البقاع الغربي، وصولاً إلى الفتور الذي يسود العلاقة بين المختارة وبيت الوسط، فإن النائب جنبلاط المشهود له بالوفاء لرفاقه وحلفائه، وهذا تقليد درجت عليه المختارة، فإنه سيكون واضحاً وحاسماً في كيفية توزيع الصوت التفضيلي على لائحته في الشوف، إن على مستوى النسبة الأكبر لنجله، ولما لذلك من دلالات الزعامة الجنبلاطية وتماسكها، إضافة إلى الوزير مروان حماده والذي أصرّ عليه جنبلاط لأن يكون إلى جانب نجله، وهو الذي رافقه في بداية مسيرته السياسية ولا يزال، وكان معه في كل المحطات المفصلية، وصولاً إلى المرشّح عن المقعد الكاثوليكي النائب نعمة طعمه، والذي يعتبر أحد أبرز رموز الخدمات في الجبل والشوف، ناهيك إلى أن النائب طعمه، سبق له وأن كان إلى جانب «أبو تيمور» عندما صوّت معه للرئيس نجيب ميقاتي، رغم دقة الموقف وحراجته يومها في سياق أعماله في الخليج، وهذا ما ترك أثراً عند زعيم المختارة ومحازبيه ومناصريه. ومن ثم المرشح ناجي البستاني والقيادي الإشتراكي في إقليم الخروب المرشح عن المقعد السنّي بلال عبدالله، وسط توقّعات بأن تبلغ نسبة الإقتراع رقماً غير مسبوق نظراً لجملة ظروف ومعطيات، إن على صعيد العلاقة غير السويّة بين الحزب الإشتراكي و«التيار الوطني الحر»، إلى تدهور العلاقة بين المختارة وخلدة ودخولها مرحلة تجاذبات سياسية وانتخابية يتوقّع أن يرتفع منسوبها في الأيام المقبلة، وهذا ما سيؤدي إلى مشاركة كثيفة في الإنتخابات من قبل الطرفين الجنبلاطي والإرسلاني، في حين أن العلاقة على المستوى الجنبلاطي والمسيحيين تعتبر إيجابية جداً، وهذا ما يشير إليه النائب طعمة الذي يؤكد على علاقة قديمة العهد بين دير المخلص والمختارة، وكرسي بيت الدين والزعامة الجنبلاطية أيضاً، والأمر عينه يمتد إلى إقليم الخروب وسائر المكوّنات الروحية في الجبل.