Site icon IMLebanon

الحلّ الضروري لأزمة مزدوجة!

لم ينجح المسلمون حتى الساعة، ورغم الجهود المبذولة، في فصل صورة الإسلام عن الإرهاب والعنف. ولم ينجح الغرب ومعه المسيحيون حتى الساعة أيضاً، ورغم الجهود المبذولة، في عدم الخلط بين الدين الإسلامي، بما يمثّل من رسالة حضارية، والإرهاب.

إنّ هذه الأزمة المزدوجة تختزل اليوم مشكلة كبرى يعيشها العالم، وتدفعه نحو العنف والتباعد والغضب وسوء الفهم المتبادل الذي بات يتحكّم بالعلاقات الإنسانية على وسع الكرة الأرضية.

وفي تقديرنا، أنّ هذا الإرهاب المجرم يُعطي المسيحيين والمسلمين كما الشرق والغرب إشارات يومية من شأنها، إذا أحسنّا التقاطها وتوفّر العزم لدى المعنيين، أن تحملنا على اعتبار الحضارة الإنسانية، بشرقها وغربها وجميع أديانها في خندقٍ واحد لمواجهة التخلّف والجنون.

ونلاحظ أيضاً، أنه خلال شهر رمضان المبارك ضرب الإرهاب اسطنبول ودكّا وبغداد والمدينة المنوّرة، كما طاولت مخالبه أورلاندو وغيرها من المناطق في العالم.

وهنا أعتبر أنّ التقصير الإعلامي والثقافي لدى العالم العربي والإسلامي غير مسبوق!

فبدلاً من تظهير صورة الإسلام الحقيقية والتي أصبحت مشوّهة بسبب تخلّف الإرهابيّين، وبدلاً من تنظيم تظاهرة مليونية في القاهرة أو بيروت أو في أيّ عاصمة أخرى تقودها وجوه سياسية عربية وإسلامية وثقافية وقادة رأي في وجه الإرهاب، اكتفت الحكومات المعنيّة بمعالجة الأوضاع بطريقة أمنية تقنية، وكان الإعتداء على المدينة المنوَّرة مثلاً يخلو من المعاني السياسية والثقافية ويقتصر على خرقٍ أمنيّ يشبه الخروق الأمنية في مدنٍ وعواصم أخرى.

كما أن التقصير الغربي، وبنتيجة سوء التفاهم التاريخي، كان واضحاً. إذ لم ترفع أيّ عاصمة غربية علم العراق أو تركيا أو بنغلادش أو اليمن أو المملكة العربية تضامناً مع هذه البلاد الجريحة، ولم يرتدِ برج إيفل ألوان تركيا أو العراق مثلاً، بعد الإعتداءات التي حصدت مئات الضحايا.

إن هذه الأزمة المزدوجة مرشّحة للإستمرار، كما أنّ الإعتداءات مرشّحة ايضاً للتكرار. وفي غياب ارتقاء المجتمعات السياسية إلى مستوى خطورة الأحداث، هل هناك دورٌ ما لكنيسة العرب؟ وهل هناك دورٌ ما للمرجعيات الروحية الإسلامية المتنوّرة؟

إننا كلبنانيين مدعوّون مرةً جديدة إلى ابتكار أطر تواصل بين الطرفين، من أجل ردم الهوّة الكبيرة التي تتّسع يوماً بعد يوم وتهدّد المجتمعات المتنوّعة وتقود العالم إلى اصطفافٍ مدمّر لمستقبل أولادنا.

هذا هو مقامنا في صراع الحضارات وهذا هو الدور المعروض علينا.

وإنّ استبدال أولويات أخرى، على أهميّتها مثل قانون الانتخاب أو حتى انتخاب رئيس، بهذه الأولوية لا يعفينا من مسؤوليات كبرى – المساهمة في الحوار الإنساني بين مختلفين!