IMLebanon

جبهة الجنوب… عمليّات للحزب بميزان من ذهب 

 

 

بين “طوفان الأقصى” و”السيوف الحديدية”، تدخل المنطقة عصرا جديدا قد يكون شبيها الى حد كبير، بما حصل بعيد حرب الغفران، قاسمهما المشترك بين الحربين واضح : إذلال الجيشِ “الإسرائيلي” وإسقاطُ نظريةِ التفوّق التي تدّعيها “إسرائيل” لنفسها. فمنذ نصفِ قرن عجِزت الإستخباراتُ “الإسرائيلية” عن رصد الهجوم قبل وقوعِه، ما أدّى إلى مباغتة الجنودِ “الإسرائيليّين” وتوجيهِ ضرباتٍ قاسية لهم. اليوم تكرّر المشهد. فالفشلُ الأمنيّ، والقصورُ الإستخباراتي أديا إلى هزيمة عسكرية.

 

مفاجأة حماس المدوية أذهلت العالم، واحدثت صدمة في “اسرائيل” نتيجة فشل اجهزة استخباراتها، في عدم رصد اي تحركات او استعدادات لعملية نفذت في غلاف غزة برا وبحرا وجوا ، ولا زالت مستمرة، مع استمرار حوالي 500 عنصر من حماس متحصنين في المستعمرات في القتال، مستفيدين من “التضعضع الاسرائيلي”، وعدم القدرة على توسيع “تل ابيب” لرقعة المواجهة .علما ان المجلس الوزاري اعلن رسميا ان “اسرائيل” في حالة حرب، ذلك انه وفقا للمعطيات فان الجهود تنصب راهنا على استعادة الاسرى، الذين هم من اكثر من جنسية، نتيجة ضغوطات حكوماتهم، ما يفسر سرعة الدخول القطري – المصري على خط التفاوض لاتمام صفقة تبادل.

 

واكدت المصادر ان ما يحصل سيعيد رسم المشهد في المنطقة، في معركة لن يكون من السهل معرفة حدودها، رغم ان المؤشرات تدل الى ان الامور ذاهبة الى مزيد من التصعيد، ذلك ان “تل ابيب” لن تستطيع “بلع” ما حصل وحجم انهيار معادلات الرعب التي كانت قائمة، من هنا ردها لن يكون “عاديا”، ولعل تحرك الاسطول الاميركي من جهة، وتأخر الرد “الاسرائيلي” من جهة اخرى يدللان الى ذلك.

 

واشارت المصادر الى ان الحكومة اللبنانية ابلغت المعنيين في الخارج، انها تملك ما يكفي من ضمانات من عدم رغبة حزب الله فتح جبهة الجنوب، الا في حال كانت “اسرائيل” هي البادئة، لذلك فان رده لم يخرق الخطوط الحمراء وقواعد اللعبة القائمة على جانبي الحدود، فالرد جاء مدروسا توقيتا، لايصال رسالة الى حماس، والى عواصم القرار.

 

وتابعت المصادر بان الرد جاء مدروسا جيدا ومنسقا، فهو استهدف مواقع عسكرية في مزارع شبعا، وهي منطقة متنازع عليها، وبالتالي لم يتم خرق الخط الازرق، وبذلك تلافت المقاومة احراج الدولة اللبنانية، غامزة من باب استمرار ارسال “الرسائل المضبوطة” من الجنوب الى حين اتضاح معالم الوضع النهائي، مستخلصة ان استراتيجية حزب الله الراهنة تأخذ بعين الاعتبار الاوضاع اللبنانية الداخلية على كافة الصعد، لذلك سيتم اعتماد تكتيك عمليات الاستنزاف الموضعية على الحدود وفي مزارع شبعا.

 

اوساط ديبلوماسية اشارت الى ان هكذا عملية استمر التحضير لها لاشهر طويلة، وهي نجحت في تجنب استدراجها الى مواجهات جانبية اكثر من مرة، مشيرة الى ان اجهزة المخابرات الاجنبية منيت بفشل ذريع، معتبرة ان ما حصل يضرب مشروع التطبيع القائم، وقد تكون الخطوات الاميركية في الاعلان عن الاتصالات السعودية-“الاسرائيلية” قد سرّعت في العملية.

 

واعتبرت الاوساط انه من المبكر الحديث عن فتح جبهة الجنوب ودخول حزب الله المعركة، رغم ان الجانب المصري تبلغ من مقرب من حزب الله ان حارة حريك ستتدخل في حال اجتياح غزة بريا، دون تحديد حدود هذا التدخل وحجمه، محذرة من مفاجآت غير محسوبة.

 

وختمت الاوساط من حيث الشكل من غير الممكن ان لا يكون قادة المحور على علم بالعملية، دون معرفة ساعة الصفر، بما هو معروف عن حجم التنسيق الامني والعسكري بين اطرافه، وتأكيد امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله اكثر من مرة على وحدة الساحات، لذلك فانه من غير المنطقي ان تكون العملية احادية، رغم نصائح واشنطن لـ “تل ابيب” بعدم التسرع على صعيد الاتهام.

 

وفي انتظار مرحلة ما بعد طوفان الاقصى، فلسطينيا واقليميا ودوليا، خرج ملف لبنان من دائرة اولويات المؤثرين الخارجيين. ما يضع الازمة امام احتمال وحيد هو التمديد للفراغ. فهل تنتهي المعركة بحرب قد تتطور في المنطقة لتصبح شاملة؟ وماذا عن موقف ايران؟واذا تطورت الامور، اين سيكون لبنان من هكذا حرب؟ وماذا سيفعل حزب الله الهادئ حتى الآن؟ حتى إثبات العكس، الضوابط أقوى من الحرب الشاملة.