بدأت الديبلوماسية العالمية بالتحرك بشكل أوسع لوقف الحرب على غزة، فالإمارات العربية المتحدة دعت يوم الأربعاء الى اعتماد قرار عاجل لوقف إطلاق النار في غزة لدواعٍ إنسانية، وقد قدمت مشروع قرارٍ لمجلس الأمن بهذا الصدد، على وقع توجيه الأمين العام للأمم المتحدة، رسالة إلى مجلس الأمن يفعّل فيها المادة رقم 99 من ميثاق الأمم المتحدة، والتي تتيح للأمين العام تنبيه المجلس حول أية مسألة يرى أنها قد تهدد السلم والأمن الإقليميين، وهذا ما اعتُبر سابقة، فالكل يعلم بأن الحرب على غزة لم تعد محصورة في القطاع.
بالنسبة الى حزب الله، فهو يعتبر أن الجبهة في الجنوب مرتبطة بشكل كامل بما يجري في غزة، وكما طبقت الهدنة في القطاع على الجنوب، فإن توقف الحرب هناك سيطبق على الجنوب أيضاً، بما يعني العودة الى حالة ما قبل عملية طوفان الأقصى، وهو ما يُتيح للمستوطنين في المستوطنات الشمالية العودة الى منازلهم، ولكن بالنسبة الى “اسرائيل” فإنها ترغب بأن تستفيد من هذه اللحظة العالمية الداعمة لها، لكي تخلق ما يشبه المنطقة العازلة في جنوب لبنان تكون خالية من السلاح، ويطالب العدو بأن تكون هذه المنطقة بإدارة الجيش اللبناني بالتعاون مع “اليونيفيل”.
بحسب ما تؤكده مصادر متابعة، فإن فكرة إبعاد حزب الله نحو شمال الليطاني تكاد تكون فكرة غير قابلة للتطبيق، لذلك هناك في الغرب مَن اقترح أن يكتفي حزب الله بإبعاد قوة الرضوان عن الحدود، وهذا ما يعكس عدم إدراك لتقسيمات حزب الله، ولكنه قد يشكل حلاً لو طُبق شكلياً ليُتيح التوصل الى تسوية، ولو أن حزب الله يستبعد هذا الخيار بشكل كامل.
الجديد اليوم هو أنه بالنسبة الى الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية فإن جبهة الجنوب باتت تشكل ملفاً وحدها، بمعزل عن ملف الحرب على غزة، لذلك كان نداء المبعوثين الدوليين الى لبنان بضرورة تطبيق القرارات الدولية على رأسها القرار 1701، ولكن بحسب المصادر، يبدو أن الجبهة اللبنانية ستكون ضمن تسوية أكبر من مسألة القرار الدولي، وربما تكون فرصة مثالية لحزب الله لأن يفرض تسوية شاملة تتعلق بالوضع اللبناني المعلّق منذ العام 2019، تاريخ بدء الانهيار الاقتصادي.
الوضع اليوم يتأرجح ما بين التسوية والحرب، وكلام وزير الحرب “الاسرائيلي” غالانت بهذا الخصوص كان واضحاً، عندما قال “لابعاد حزب الله عن الحدود إما بالسياسة وإما بالحرب”، ولكن بحسب المصادر فإن التهديد بالحرب يأتي لرفع السقف، فاليوم لا يرغب أحد بهذه الحرب لا في لبنان ولا “اسرائيل”، ولا الدول الفاعلة في العالم.
الأكيد في هذه الفترة أن التصعيد على جبهة الجنوب سيستمر، حيث تلفت المصادر الى أن المعارك هذا الأسبوع هي الأقوى منذ بداية الحرب على غزة، وكلما ارتفعت وتيرة البحث بالحلول الممكنة، ارتفعت وتيرة التصعيد العسكري، على أمل الا تصل المفاوضات الى مرحلة تحتاج فيها الى “حرب” لكي تستمر، وبالتالي فكل الاحتمالات مفتوحة، حيث لا تزال مطالب طرفي التفاوض عالية السقف، ولا يمكن أن تتحقق.