من التمديد لقائد الجيش العالق في مهب زوبعة سياسية غير مضمونة النتائج، والاخراج المتأرجح بين مجلسي النواب والوزراء، الى المعارك المشتعلة على الحدود الجنوبية، الضائعة بين التصعيد والاستنزاف، في لعبة تقاذف الـ 1701 بين نيويورك ومن خالفها وحارة حريك، وما بينهما من ملفات عالقة متناسلة، واعياد باي حال عادت، تستمر انظار الخارج مركزة على التطورات الميدانية على طول الحدود ، وكيفية ادارة حزب الله للعمليات العسكرية، في اطار الاستراتيجية التي يتبعها، حيث يتكشف يوما بعد يوم حجم الخديعة التي اوقع فيها حزب الله العدو الاسرائيلي، لجهة تعزيز ترسانته العسكرية.
ففي قراءة تحليلية لمسار الاحداث على طول الجبهة الجنوبية والاسلحة المستخدمة من قبل حزب الله، يتبين أنّ صواريخ الحزب الموجّهة ضد النقاط “الاسرائيلية”، أصبحت مع الأيام أكثر دقة وخطورة، حيث ان الصواريخ المضادة للدروع نجحت في شل الحركة في مستوطنات المطلة وشتولا وكريات شمونة وغيرها من المستوطنات المحاذية للحدود مع لبنان، خصوصا ان صفارات الإنذار “الإسرائيلية” غير فعّالة إزاءها ، ما جعلها بحكم الساقطة عسكريا و”محتلة بالنار”، نتيجة الاستخدام الكثيف والمركّز لهذه الصواريخ، ما شل من حركة تنقل المدرعات “الاسرائيلية”، وادى الى الحد بشكل كبير من فعالية الدبابات، التي كانت تستخدم في قصف الاهداف المحاذية للحدود ونقاط المراقبة.
امر سمح لحزب الله بالامساك الى حد كبير بالوضع على الحدود، ساعده في ذلك نجاحه في تدمير اجزاء كبيرة من نظام المراقبة الذي اقامه “الجيش الاسرائيلي” على طول الحدود، علما ان المدفعية بعيد المدى من نوع 155 هاوتزر غير صالحة لاستهداف المواقع والمجموعات المتواجدة عند الخط الازرق مباشرة، دون اسقاط عامل تراجع استخدام سلاح الجو: اولا لعدم خرق قواعد الاشتباك بشكل كبير، وثانيا خوفا من استخدام حزب الله لمنظومته المضادة للطائرات، ما جعله يعتمد على المسيرات المجهزة بالصواريخ.
في هذا الاطار، تكشف المعطيات الاستخباراتية ان حزب الله تمكن بقدراته من تطوير منظومة “الكورنيت” المضادة للدبابات، بما يتلاءم وطبيعة الارض اللبنانية ، والاهداف المطلوبة من استخدامها، بحيث بات استخدامها ضد التحصينات ذات فعالية كبيرة، ويقوم التعديل على استخدام مقذوفين في كل “صلية”، ما يؤدي حتما الى احداث اختراق في الدرع المحيط بهياكل المدرعات “الاسرائيلية” ، الذي تم تطويره بعد حرب 2006، وهو ما رفع من نسبة المدرعات المدمرة على الحدود اللبنانية من تلك التي اعطبت على جبهة غزة، اذ تكشف مصادر ديبلوماسية انه غداة زيارة وفد حماس الى موسكو، طلبت الاخيرة من “القسام” عدم استخدام صواريخ كورنيت، او “جافلين” التي ادخلت الى القطاع بعدما تم نقلها من اوكرانيا، بكميات لا بأس بها.
وتضيف المعطيات ان حزب الله قام بنشر حوالي 250 مجموعة على طول الحدود من مزارع شبعا وصولا الى الناقورة، تتألف كل منها من اربع افراد مجهزة بقاذف وبست صواريخ “كورنيت”، مهمتها مراقبة الحدود على مدار الساعة، في مؤشر الى قدرة المخزون الذي استطاع الحزب من تأمينه طوال الفترة للممتدة منذ 2006، بعدما خبر اهمية هذا السلاح، حيث يبدو ان “اسرائيل” وقعت في فخ التوقع بان حارة حريك عملت على تعزيز ترسانة صواريخها الذكية، الا انها عمليا كانت تعمل على تعزيز ترسانتها المضادة للدروع في اطار محاكاتها للحرب المقبلة.
وهنا تشير المعطيات الى ان صواريخ “بركان” التي جرى تطويرها بشكل تسمح فيه بتدمير التحصينات بشكل كبير، نسبة الى كمية المتفجرات التي يحملها رأس هذه الصواريخ المطورة محليا، وفقا للثغرات التي بينها استخدامها خلال المعارك في سوريا وعند السلسلة الشرقية، ضد تحصينات المجموعات الارهابية في الجرود.