Site icon IMLebanon

جبهة الجنوب من التهديدات إلى التحذيرات .. سباق بين حسابات التفاوض واليوم التالي لوقف الحرب!

 

 

ربطت مصادر على إطلاع واسع على ما يجري على جبهة الجنوب، أو جبهة الشمال بلغة الاحتلال الاسرائيلي العسكرية بين إدخال حزب الله مناورات جديدة في الحرب الدائرة منذ 8 ت 1 الماضي، وعلى مشارف نهاية الشهر الرابع من هذه الحرب، سواء بما خص الصواريخ من نوع «فلق 1» وبركان، إلى كورنيت المعدلة، فضلاً عن المسيَّرات الاستطلاعية والانقضاضية وما جرى تداوله من رسائل عاجلة نقلت إلى الرئيس نبيه بري، ومسؤولين آخرين، لنقلها إلى حزب الله من أن اسرائيل أوشكت أن تعطي الأوامر، إلى الألوية العاملة على جبهة الجنوب الحدودية للتوغل، في عملية واسعة، تهدف إلى، ليس فقط إبعاد مقاتلي حزب الله 7 كلم باتجاه الجنوب- شمال، بل أيضاً لإلحاق حزب الله بالأهداف البعيدة المعلنة وغير المعلنة للحرب على غزة، بعد عملية «طوفان الأقصى».

على الجبهة العسكرية دكت صواريخ المقاومة مواقع لم تكن مستهدفة بعد، وبعثت رسالة نارية واضحة ان المغامرة بتوسيع الحرب في الشمال ستكون مكلفة من الناحية العسكرية بحدّ ذاتها، والرسالة المبعوثة عبر قوة نار المقاومة مفادها أن هذا بعض ما لدينا، فلا تخطئ التقديرات، ولا حتى الحسابات، وإن من زاوية إرضاء المستوطنين، ورفع بعض المعنويات، التي أصابها سوء ثقة بعد العمليات البطولية غير المسبوقة لحركات المقاومة في القطاع، لا سيما عمليات حركة «حماس» (كتائب القسام) وحركة الجهاد الإسلامي (سرايا القدس).

 

بصرف النظر عن عدم التعليق رسمياً، على المعلومات التي نقلها السفير المصري علاء موسى (وكانت «اللواء» أول من أشار إلى ذلك قبل 5 أيام)، لا من قِبل دولة الاحتلال، ولا حتى من قِبل قيادة المقاومة، أو المراجع اللبنانية المعنية، فإنه ما أعلنه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد يصبّ في دائرة إفهام العدو مخاطر أي مغامرة، قد يذهب إليها، متخطياً الحدود الجنوبية براً، للأهداف المشار إليها.

قال النائب رعد: «إياك أن تخطئ الحساب (الكلام للعدو)، وإياك أن تحوّل جنونك من مكان إلى آخر، ففي لبنان تنتظر المقابر، ونحن جاهزون للمواجهة إلى أبعد مدى، ولن يكون أمن على حساب أمننا وسيادتنا وحقنا».

بيان التحذير: إياك، أي نحذرك على نحو واضح، لا لبس فيه، التحذير يتضمن أصلاً، إفتراضاً قوياً لأمر قاب قوسين أو أدنى من الحصول، فالتحذير هنا، للردع، وليس على طريقة أعذر من أنذر..

 

وفي المعلومات التي بدت تخرج إلى العلن، شيئاً فشيئاً، فإن قيادة حزب الله التي كانت تستبعد لوقت مضى، ولم يكن بعيداً عن بدء «حرب المساندة» التي أعلنها الحزب لغزة، في اليوم التالي لطوفان الأقصى، أن يخرج العدو الاسرائيلي عن قواعد ما اصطلح على تسميته «بالاشتباك»، بمعنى تحييد المدنيين عن طرفي الحدود عن المجابهة، تتصرف الآن، من زاوية مغايرة، فهي تأخذ بالحسبان، على نطاق واسع، هروب اسرائيل إلى الأمام إلى عملية عسكرية، علها تحقق فيها بعضاً من التعويض عن الإخفاقات الداخلية والدولية والدبلوماسية والحقوقية والميدانية، التي تصيبها بالعمق، وتجعل من رئيس وزرائها بنيامين نتياهو، «مجرم حرب» من الدرجة القصوى، وتجعل من مجلسها الحربي (الكابينت) أشبه بمجموعة طافرين، لا يرتون بغير دماء الأطفال، وعظام كبار السّن، وآهات النسوة اللواتي قتلن بالغارات الابادية، أو يفقدن أحباءهم من جراء المجازر التي بات المجتمع الدولي عاجزا حتى عن سماعها أو مشاهدتها..

في الميدان والسياسة، ثمة ضغوطات كبرى للحؤول دون نقل نتنياهو حفلة الجنون من غزة إلى جنوب لبنان امتداداً إلى بيروت، وسائر المناطق، وصولاً إلى العمق السوري..

يضغط حزب الله على الجبهة، لإشعار جنرالات الجيش الاسرائيلي، سواء على مستوى وزير الدفاع غلانت أو رئيس الأركان هاليفي أو قائد المنطقة الشمالية أن المغامرة مكلفة أكثر مما يتصورون، وأن الوضع إذا انفجر، فهو لن يقتصر على أية استهدافات محتملة، وما هو مخبأ وراء الأكمة، لا يمكن التكهن بماهية قوته، ومداه في الحرب والاستهدافات والتدمير..

ومع هذا الضغط الميداني من الجنوب، ومن البحر الأحمر، وبعض الضربات العراقية فضلاً عن ساحات المواجهة الكبرى على أرض غزة البطلة، تتزايد المؤشرات أن سقفاً للحرب على مستوى النهاية بدأ يرتسم، وأن مفاوضات ما بعد الحرب، دخلت في تفاصيل ما بعد وقف النار، وانسحاب جيش الغزو من قطاع غزة..

المعركة الآن تنحسر بين ضغط الولايات المتحدة ومعها دول في غرب أوروبا، كبريطانيا وأسبانيا وإيطاليا وفرنسا وألمانيا لمنع نتنياهو من توظيف أي أمر من حربه على غزة لجهة الاقتناص من أرضها، والوضع الذي كانت عليه قبل طوفان الأقصى، من الناحيتين الجغرافية والاقتصادية والبشرية، مع سعي أكيد للحؤول دون اقامة ما يسمى بالحزام الأمني، الذي يحول بين المساحة التي تبقى للقطاع ومستوطنات غلاف غزة.. ورئيس وزراء اسرائيل، ومعها بعض غلاة التطرف اليميني والديني في «الكابينت» (مجلس الحرب)، الذين يتيهون ذات الجنوب وذات الشمال بحثاً عن «مكاسب» يواجهون بها أهالي الأسرى الاسرائيليين، فضلاً عن الجنود القتلى لدى حماس والجهاد وسائر كتائب حركات المقاومة وفصائلها المقاتلة..

عند نقطة بالغة التعقيد، تتشابك المصالح والاهداف والخيارات. لعلَّ ما يعني اللبنانيين الخيارات المتعلقة بمآل الحرب الصهيونية الدائرة على أرض غزة، ومخيماتها وأبنيتها المدمرة، وأجساد شعبها المختلط بتراب أرضه وركام منزله: هل تكتب نهاية قريبة لهذه الحرب؟ وماذا عن الإنتقام والوعيد والتهديد للبنان والمقاومة فيه، واستقراره..

خيارات الحرب والجنوح إلى الهدنة المفتوحة على وقف النار، إيذاناً بدخول مرحلة ما بعد الحرب تتساوى، مع ترجيح ضربات انتقامية للاحتلال تتخطى مساحة النار المعمول على نطاقها اليوم..

أما ما وراء أكمة المفاوضات، فهو الأساس، والأساس من الإنتظار بعض الوقت..