Site icon IMLebanon

شبح السباق الرئاسي في تناقضات ونقاشات موازنة 2019

 

فتح العبور الشاق لمشروع الموازنة العامة من الحكومة إلى مجلس النواب مجدّداً السجال الداخلي حول الأداء «الجَدَلي» لرئيس أكبر كتلة نيابية، والذي تربط مصادر سياسية رفيعة المستوى ما بينه وبين السباق الرئاسي الذي ينشط في الكواليس السياسية منذ أشهر. وإذ لاحظت المصادر أن معركة رئاسة الجمهورية قد فُتحت منذ اللحظة الأولى لوصول الرئيس ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، أوضحت أنه غالباً ما كانت تُفتح المعارك الرئاسية في السنة الأخيرة من أي ولاية رئاسية خلافاً للواقع الحالي، وذلك بدلاً من أن يكون التركيز منصبّاً على إنجاح هذه الولاية.

 

وأكدت المصادر نفسها، أن هذا الواقع لا يعبّر عن إرادة الرئيس عون، ولكن مجموعة معطيات ووقائع سياسية، دفعت الأمور في هذا الإتجاه، خصوصاً بعدما كان أعلن الرئيس عون أساساً أن الوزير جبران باسيل هو في طليعة السباق الرئاسي، بالإضافة إلى أن المناخ السياسي الداخلي يربط كل الأحداث والتطوّرات بالملف الرئاسي، ومن الواضح أن الحركة التي يقودها الوزير باسيل عموماً، وتكرّست في نقاش الموازنة، تهدف إلى محاولة التأثير على الرأي العام اللبناني والظهور بمظهر «السوبر وزير» الذي يقطف المشهد السياسي، ويطّلع على كل التفاصيل في كل الوزارات وكل الملفات، ويجول في كل المناطق، محاولاً أن يعكس نوعاً من الإنطباع بأنه يأسر المناخ السياسي إلى حدّ كبير.

 

ولكن المصادر ذاتها، استدركت أن هذه الحركة، لها سلبياتها أكثر مما لها إيجابياتها، إذ أن كل قوة سياسية قادرة أن تأسر المناخ السياسي في حال اعتمدت قاعدة «كسر مزراب العين»، ودخلت في مواجهات مع القوى السياسية مجتمعة، وأحياناً مع فريق سياسي بمفرده، ولكن هذه الوضعية، قد لا تخدم أي طامح إلى موقع الرئاسة، لأن من يحسم الوضع الرئاسي، ليس فقط من يسيطر على المناخ السياسي الداخلي، وإنما هنالك جانبين أساسيين يتحكّمان في هذا العنوان، الأول داخلي، والثاني خارجي، إذ على المستوى الداخلي، فإن الوزير باسيل على تناقض كبير مع غالبية القوى السياسية ومع جمهورها وقواعدها الشعبية والحزبية، وذلك على الساحة المسيحية، كما على الساحة الدرزية والساحة الشيعية والسنّية، على الرغم من كل المحاولات التي يقوم بها رئيس الحكومة سعد الحريري لترطيب الأجواء مع قواعد تيار «المستقبل» من أجل الحفاظ على التسوية السياسية، وهذا الأمر ينسحب على جزء من جمهور»حزب الله»، وصولاً اإى الخلافات مع الحزب التقدمي الإشتراكي و«القوات اللبنانية».

 

وبالتالي، لاحظت المصادر نفسها، أن المشهدية السياسية الداخلية الحالية، ومن الناحية العملية، لا تخدم الوزير باسيل في مساره الرئاسي، وأما على المستوى الخارجي، فإن عدم حماسة واضحة تُسجّل لدى بعض العواصم العربية والغربية، وذلك على خلفية مواقفه وتموضعه في محور معيّن، إضافة إلى ضبابية وعدم وضوح مواقفه كوزير للخارجية في بعض الملفات الإقليمية.

 

وانطلاقاً مما تقدّم، تضيف المصادر السياسية، أن مرشح التسوية لدى عواصم القرار الخارجية المؤثرة في المنطقة وفي لبنان، لا يستطيع أن يكون على تناقض مع غالبية القوى المحلية والخارجية، مع العلم أن الرأي العام المحلي والدولي غير متحمّس لاستمرار الأداء الحالي، لا سيما على المستوى الإقتصادي، وذلك بعدما وصل الإقتصاد اللبناني، وللمرة الأولى منذ نهاية الحرب، إلى حافة الإنهيار.