IMLebanon

خطابات «حزب الله» وإيران.. تمايز إلى حدّ الذوبان

يمارس «حزب الله» دوره السياسي على الطريقة الايرانية خصوصاً في ما يتعلّق بالتنسيق وبتوزيع الأدوار مع الحلفاء وسوق الاتهامات لدول وأفرقاء، بالإضافة إلى ممارسة «اللعبة» الأبرز، وهي التنصّل من الواجبات واللجوء إلى وسائل الضغط والتهديد عند الحشرة. وهذه السياسة التي اكتسبها الحزب من الايراني وراكمها منذ نشأته وحتّى اليوم، جزء من سياسته العامة ويُجيز لنفسه من خلالها ممارسة دور الشرطي أو الوصي وتمنحه صلاحية إصدار الاحكام، ودائماً على قاعدة معنا أو ضدنا.

أمس ظهر التمايز في المواقف السياسية بين ايران و«حزب الله»، بشكل واضح وعلني، وظهر أن ما يتردد في طهران أو على ألسنة قيادات ايرانية، يُسمع صداه في الضاحية الجنوبية وأيضاً على لسان مسؤولين في الحزب. منذ أيّام قليلة، خرج وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف بكلام لـ «مركز ابحاث الجمعية الآسيوية»، رأى فيه أن «السعودية لاعب مهم جداً في المنطقة وان ايران لا تسعى لإقصائها من الساحة». لكنه سرعان ما استعاد لغة العداء بقوله «إن السعودية ارتكبت أخطاء كثيرة مثل دعمها طالبان في افغانستان، داعش في العراق، والنصرة في سوريا». وفي لهجة الاستعلاء قال: «إن ايران تكتسب شرعيتها وقوتها من شعبها وليس من المعدات العسكرية الجميلة المشتراة (من قبل بعض الدول) من الولايات المتحدة».

هذا الكلام اقتبسه الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله خلال يومي التاسع والعاشر من مُحرّم إذ يقول: «نحن مع استمرار الحكومة الحالية بالعمل إلى آخر يوم من حقها الدستوري، يعني إلى الانتخابات وإلى وجوب تشكيل مجلس نيابي جديد»، داعياً إلى «الحفاظ على الاستقرار العام الموجود في البلد، وإلى التواصل والحوار والتلاقي بين مختلف القوى السياسية لأن فيه مصلحة للبلد». لكن وعلى طريقة ظريف، توجّه نصرالله إلى «خصومه» في الداخل بالقول: «إن حزب الله في أقوى وضع متصور وممكن، سواء تحدثنا سياسياً أو شعبياً أو جماهيرياً أو عسكرياً أو أمنياً، هذا ما يعبّر عنه في لبنان بمشكلة فائض القوة، إذاً أنتم تعترفون لنا بفائض القوة وتسألون عن هذا الفائض كيف سيُصرف؟».

واللافت في كلام نصرالله أيضاً، كان عودته كما في كل إطلالة، إلى ملف النازحين السوريين ودعوته الدولة اللبنانية، إلى التواصل مع النظام السوري مع التلويح بخطورة هذا الملف وما يُمكن أن ينجم عنه لاحقاً في حال بقي على حاله. وفي كلامه هذا، سعى نصرالله للمرة العاشرة ربما، إلى تعويم النظام وإخراجه من عزلته الدولية ونزع صفة الارهاب عنه. وهي حملة مُنظّمة يقوم بها الحزب بدعم ايراني، أوّلاً لاحراج لبنان أمام المجتمع الدولي، واخراجه من حالة التأييد التي بات يحظى بها بين الدول البعيدة والقريبة، وذلك منذ الإنتصار الذي حققه في معركته ضد الجماعات الارهابية.

ضمن سياسته المعهودة، أن يلصق «حزب الله» بالآخرين نتائج سياسته التي يتبعها في تعاطيه مع الأزمات التي تُحيط به، أو التي يجعل من نفسه جزءاً أساسيّاً فيها. وفي هذا السياق، برز كلام لنصرالله قال فيه: «بالرغم من جو الضوضاء الذي ساد في البلد والتهويلات التي حصلت والمزايدات التي قامت، استطاعت الذهنية الإيجابية والبحث الجدي أن تقود البلاد لأن يتجاوز البلد هذه المحنة وأن يصل إلى حلول، وهي التي عبر عنها مجلس الوزراء، وأيضاً مجلس النواب سيقوم بما هو لازم أو مطلوب منه». وفي الوقت الذي جعل فيه نصرالله من فريقه، جزءاً أساسيّاً من فريق «الذهنية الايجابية»، خرج أحد نوّاب حزبه حسن فضل الله ليقول: «من ينتصر في الميدان هو الذي يفرض المعادلة، واليوم نحن نحقق الانتصار في الميدان».

الملاحظ أنه منذ فترة طويلة وحتى اليوم، لم تخلُ إطلالات نصرالله من محاولات فرز اللبنانيين بأحزابهم وإنتمائهم المذهبي، ووضعهم بين خيارين: «إمّا معنا، وإّما ضدنا». هنا تتداخل حالة «التنبؤ» على طريقة «نوستراداموس» مع الواقع الحذر الذي يمر به لبنان، بكلام أشار فيه نصرالله، إلى «أننا نسمع في الأيام الأخيرة بعض المعلومات، نحن ليس لدينا معلومات دقيقة حول هذا الموضوع، لكن بعض ما يتم تداوله في الصالونات السياسية والإعلامية أن هناك من يعمل ويحضّر لمواجهة سياسية جديدة في لبنان، وإلى اصطفافات جديدة»، داعياً «القوى السياسية التي يقال بأنها تدفع إلى هذا الاتجاه إلى أن تكون على المستوى المطلوب من الوعي، وأن لا يسمح أحد لأحد بأن يدفع أحداً في لبنان إلى مواجهة وإلى مؤامرة، وإلى مواجهات نتيجتها محسومة وواضحة الفشل والخسارة».

في المجمل، فإن حديث نصرالله «العاشورائي»، انضوى تحت عناوين عدة، لعل ابرزها ذاك القسم الذي حاول فيه التخفيف من وطأة الخسائر التي يُمنى بها الحزب في سوريا «وتحويرها» إلى «إنتصارات» من دون اغفال الجهد البارز لشد عصب الجمهور الذي حضر بأعداد كثيفة. وفي هذا الشق تحديداً، لا بد من التذكير بالعقيدة الايرانية والتي كان عبّر عنها «الخميني» حين أعلن «إننا نواجه الدنيا مواجهة عقائدية. لقد قدمت الثورة لغة خطابية جديدة ومتفردة للتعبير عن الخارج (وكذلك الداخل) فتميزت بإسلامية المفاهيم من خلال الاقتباس الناجح والمؤثر من القرآن الكريم الذي أعطاها الفعالية المطلوبة للتأثير على المتلقي لهذا الخطاب».

ضمن هذه العقيدة، لوحظ تبديل الشعارات المذهبية خلال خطاب نصرالله وذلك بحسب ما تقتضيه الحاجة، فشعار «لبيك يا زينب» بعدما تجاوز الحزب حدود وجوده في العاصمة دمشق حيث وجود المقام، الى العمق السوري أي في إدلب وحلب ودير الزور. ومن هنا يبدو أن شعار المرحلة الذي أطلقه نصرالله «ما تركتك يا حسين»، سوف يكون له تأثير في المرحلة المقبلة، وقد يصل إلى كردستان العراق حيث يُحكى عن مواجهة قريبة هناك، سوف يقودها الايراني من اجل منع قيام دولة كردية.

قاووق: العقوبات لن تغيّر موقفنا

أشار عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق، إلى «أننا نستكمل المعركة في سوريا لننجز النصر الأكبر الذي سيكون نصراً على التكفيريين، ونصراً للإنسانية وللأمة، وللبنان وسوريا والعراق وحلفاء سوريا وفي طليعتهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية».

ولفت خلال احتفال تأبيني في بلدة عيتا الشعب الجنوبية أمس، إلى أن «التجربة أثبتت أن كل العقوبات والتصنيفات والضغوط الأميركية هي أعجز من أن تنال من إرادتنا أو أن تغير شيئاً في موقفنا، فهم خائبون، ومن خيبتهم وعجزهم يلجأون الى العقوبات التي هي وسام على صدور المقاومين».