بعد طول حديث عن تشريع الضرورة نظرا لعدم وجود حكومة، اصبح من الضروري والملح تسريع تشكيل الحكومة لتجاوز تلك الضرورة والسؤال بالتالي عما يؤخر الى الان التشكيل والانطلاق بمؤسسات الدولة بعد انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وبعد تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة، اي وضع امور الدولة في نصابها القانوني والدستوري. لذا، من الواجب تشكيل الحكومة العتيدة بأسرع وقت ممكن نظرا للحاجة اليها، بعكس كل ما يقال عن ضرورة اخذ الوقت الكافي لانجاز الطبخة بمعزل عما يتناقله السياسيون من توزير غير جدي الى الان؟!
اما الجدية بالنسبة الى الموضوع فانها متوفرة لكن عملية شد الحبال مستمرة بالنسبة الى من لا يريد او من يريد هذه الحقيبة وليست تلك، طالما ان الامر مناط بالرئيس سعد الحريري الذي حاز اعلى نسبة من اصوات النواب الذين سموه لتشكيل الحكومة مع ما يعنيه ذلك من حرية في الاختيار الى جانب ما على الرئيس عون تأمينه من دعم معنوي، حيث يجب الا تبقى الامور عالقة اكثر مما هي عليه الى الان، وكي لا يقال مثلا ان الذين يقفون وراء تعقيد ولادة الحكومة هم اقوى واكثر فاعلية من المسهلين؟!
صحيح ان القانون لا يفرض تشكيل الحكومة في وقت محدد، لكن استمرار النزف السياسي يشكل في الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان تساؤلات من شأنها الاصرار على تأليف الحكومة بأسرع وقت ممكن من غير حاجة الى التسرع والقول ان من الواجب ارضاء اكبر شريحة من النواب عموما ومن الاقطاب خصوصا، لان ظروفنا لا تسمح بالمزيد من هدر الوقت على كلام ايجابيات او عقد طارئة، لاسيما ان من يعارض اليوم سيعارض في الغد، وان من يقبل اليوم سيكون في عداد الحكومة لن يعارض غدا، بحسب ما هو قائم من توازنات سياسية لا بد وان يفهم منها ان تشكيل الحكومة عمل وطني ملح وليس مجرد كلام تمنيات؟!
والاصح في هذا الصدد، ان من فتح شهيته على وزارة معينة سيستمر في سعيه كي لا يفم بأنه قد يكون في صلب المعارضة، مع العلم ايضا ان ليس ما يضير الحكومة ان تقف بوجهها قوى غير موالية قياسا على ما هو قائم في البلد من قدرات وطاقات غير قادرة على تغيير طريقة الحكم بما في ذلك طريقة تشكيل الحكومات التي تعني في ظرفنا الحاضر دعما واضحا وصريحا لرئيس الجمهورية الجديد بما في ذلك رئيس الحكومة المكلف المعروف بقدرته على الحسم، بمعزل عما لمشروع الحكومة الجديدة من حاجات ليستقيم وضعها السياسي؟!
مصادر «بيت الوسط» تقول صراحة ان الطبخة الوزارية مسألة ساعات وليس ايام فيما المطلوب وبالحاح منقطع النظير عدم استمرار اي اشتباك سياسي حولها، وكي لا يقال ان ولادة الحكومة اخذت اكثر من الوقت اللازم لتشكيلها من غير حاجة الى كثير وقت يمكن ان يزيد الامور تعقيدا، لا سيما ان الحكومات السابقة استنزفت الكثير من الوقت كي تبصر النور، من دون ان تصل الى توطيد دعائمها في مجال الحكم وتكريس قدرة السلطة على التصرف بالشكل الذي يرضي السواد الاعظم من اللبنانيين الذين ينتظرون ظهور الدخان الابيض في قصر بعبدا.
ان المشهد المرجو في هذا المجال لا بد من ان يرضي الغالبية في الحكم وفي خارجه، وهذا من ضمن شروط اللعبة السياسية القائمة على اساس الانطباع القائل ان تشكيل الحكومة عمل سياسي – وطني بامتياز وليس مجرد عمل تنظيمي يمكن التعاطي معه بخفة ما يعني بالضرورة تكرار القول ان الحكومة واجبة في اسرع وقت ممكن، حيث لا مصلحة وطنية في حال تأخيرها، على رغم ما يعنيه ذلك من تراجع في نسبة التفاؤل بقيام العهد الجديد المطالب بدوره بأن يبذل قصارى جهده لانجاز المهمة وكي لا يقال لاحقا ان التأخير من ضمن عوامل رفض السلطة في مجال اثبات وجودها؟!
الذين من هذا الرأي اكثر بكثير من الذين مع اخذ التشكيلة الحكومية الوقت الكافي لانجاز مشروعها خصوصا ان من يتوقع ظهور معارضة لن يكون على حق بعد الذي تبين من خلال انتخاب رئيس الجمهورية وعلى اساس استخدام اوراق بيضاء، من دون ان يؤثر ذلك في انجاز الاستحقاق الذي استكمل بتكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة وهذا يكفي وحده للقول ان امور الدولة قد حسمت من غير حاجة الى استخدام الاغلبية في مجال ممارسة الحكم؟!