IMLebanon

دوامة الإرهاب من أوروبا إلى روسيا

في الشأن اللبناني، ووسط الإرهاب الذي يعصف بالعالم ومدنه وعواصمه الكبرى، علينا أن نحمد الله على شبه الاستقرار الأمني الذي نعيشه في لبنان، وأن ندرك حجم المهام الملقاة على عاتق الأجهزة والقوى الأمنيّة اللبنانيّة التي تقف حاجزاً بيننا وبين إرهابٍ يفغر فاه ليبتلع المنطقة والعالم لاحقاً، حمى الله لبنان ودولته، وبالتأكيد مشهد مقنّعي الأمن الاجتماعي في منطقة برج البراجنة، يصبح مجرّد ذبابة أزعجتنا ـ وإن كثيراً ـ تذكّروا يوم ضرب الإرهاب الضاحية الجنوبيّة ومناطق أخرى من لبنان، «فليسرحوا ويمرحوا {إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 3] صدق الله العظيم…

و»يا دايم الدوم.. حزب الله وجماعتو إلن يوم».

هو أقلّ من 11 أيلول أميركي، وأكبر بكثير من مجرّد تفجيرات إرهابيّة بكلّ دلالاتها ومعانيها من حيث الإختيار والتوقيت والرمزّية، في التوقيت يعني الكثير أن تحدث تفجير إرهابي في سانت بطرسبرغ في وقت تواجد القيصر الروسي فلاديمير بوتين صاحب خيار حماية إرهاب بشار الأسد في سوريا تحت عنوان محاربة إرهاب داعش، مع أنّ الإرهابيْن وجهان لعملة واحدة، وأكثر من ذلك إرهاب النظام السوري هو صورة مصغّرة عن إرهاب النظام الستاليني السوڤياتي وهو نموذج امتداده ومعسكره الأخير في الشرق الأوسط والعالم العربي، حتى في تسمية تغيير اسم البلاد ونسبتها إلى أشخاص، فسانت بطرسبرغ وإن حملت اسم مؤسسها «القيصر بطرس» عام 1703، إلا أنّ اسم المدينة سرق عام 1924 لينينغراد، مثلما سرق اسم «تساريتسين» وأصبح «ستالينغراد» وبعد البروسترويكا «فولغوغراد»، وهذا ينطبق تماماً على «سوريا الأسد»!!

وسانت بطرسبرغ (لينينغراد) التي عاشت في الحرب العالمية الثانية أعتى حصار رهيب استمر 900 يوم وقتل أو مات فيها قرابة 700 ألف مواطن من الجوع والحصار والدمار لكنها صمدت مساهمة ببطولتها في تغيير مجرى الأحداث العسكرية، اهتزّت اليوم، الإرهاب وأبعد ممّا هو تفجيرات وحرائق وضحايا أكبر مخلّفاته «حالة الذّعر» التي ينجح في تركها خلفه فينبت قلق يأكل النّاس!

وفي دلالة اختيار «الإرهاب» للمدينة وأبعد من رمزيّة كونها بوابة روسيا على أوروبا، ما حدث بالأمس يعني أنّ دائرة الإرهاب تكبر وتتسّع، وأنّ المثل الشعبي يقول «إذا حلق جارك (مات) بلّ دقنك»، وأنّ ارتدادات اهتزازات الأمن الأوروبي والإرهاب بلّت ذقن فلاديمير بوتين «الذي جاب الدبّ لكرمه»، بصرف النظر عن تصريحه البارد عن «البحث إن كان التفجير عمل إرهابي»، ورمزيّة المدينة تكمن في أهميّتها كعاصمة ثقافة وسياحة وفنّ، فهي المدينة ذات الهندسة المعمارية المتميزة ودور الموسيقى والبالية والأوبرا والقصور الفاخرة أشهرها قصر الشتاء الذي بني عام 1754 اعتماداً على فن العمارة الفرنسية في القرون الوسطى وهو مليء بالقاعات الفخمة الضخمة والأعمدة الشاهقة المنحوتة المزخرفة والحدائق البديعة والنوافير والمجالس القيصرية ذات القناطر الحجرية وكان مقراً للقياصرة حتى آخر حكمهم من أسرة رومانوف.

روسيا قبل التفجيرات الإرهابيّة في بطرسبرع بشوارعها وقطاراتها ومتروهاتها، لن تكون كما قبلها، أمّا الذين يتوقّعون أن تستمرّ الضربات الإرهابيّة لتنال من سياسة فلاديمير بوتين، فهذا مستبعد، فالضربة أيقظت صحوة أمنيّة مخابراتيّة روسيّة، وتجربة الحرب الروسيّة في الشيشان دليل واضح على عناد الروس وممارستهم سياسة «الدببة»، أمّا الشّامتين الفرحين بتلقّي الروس ضربة مؤلمة ويعتبرون الأمر انتقاماً إلهياً لسوريا، فإنّه من المضحك أن يفكّر هؤلاء بهذه الطريقة «إرهاب» أيضاً، قتل الأبرياء لا شماتة فيه وليس انتقاماً إلهياً بالتأكيد!