لا يزال قانون الإنتخاب يدور في الحلقة التي خرج بها لقاء عين التينة الأحد الماضي، بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، وعضو كتلة القوات اللبنانية النائب جورج عدوان، بحيث ينسحب على الأيام اللاحقة من هذا اللقاء عدم التقدم في هذا الحقل، لأن الإجتماع الذي سبقه ضخ أجواء تفاؤلية من جانب عين التينة فاجأ الحريري الذي عاتب بري على تراجعه المتكرر عن إلتزاماته، فيما وزّع عدوان كلاماً علنياً بأن اللقاء كان جيدا، فيما أبلغ رئيس التيار الوطني الحرّ الوزير جبران باسيل، ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، بأنه خلص الى عدم إحراز أي تقدم.
ولا تبدو الصورة لدى الأوساط السياسية واضحة على خلفية عدم قدرة أي فريق على حسم الأمر لصالحه، في وقت ينحصر الترقب الى حد بعيد بنتائج القمة الأميركية – العربية في الرياض، وما ستحمل من مواقف تلقي بثقل تداعياتها، على المنطقة ولبنان من بينها، ويمكن الامر القوى ذات الترابط الخارجي ان تؤسس موقفا داخليا استنادا الى المشهد الجديد في السعودية لان زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى المنطقة، ستحمل بداية مرحلة معاكسة لسياسة التهاون التي إعتمدها سلفه باراك أوباما، مع فريق الممانعة على الساحة العربية، بأبعادها العسكرية والسياسية.
وبعيدا عن الرسالة التي قصدها بري بالتهويل على الحريري وعدوان بمطالبته بالمناصفة المفتوحة بحيث يختار المسيحيون الـ 64 وكذلك المسلمون. الـ64 دون الحصص المذهبية لدى المسيحيين والمحمديين كرد على تقارب الحريري مع عون والمسيحيين لناحية رفضه التمديد، يبقى قانون الإنتخاب «مكربجاً»، بحيث تبقى الخيارات معروفة في حال داهم الوقت هذا الإستحقاق النيابي في ظل عدم إحتمال عدم توفّر مخارج، قبل الوصول الى موعد هذا الإستحقاق الدستوري.
لذلك لم يعد رئيس الجمهورية ميشال عون محرجاً، إذا ما دخل البلد في الفراغ النيابي، لأن العرقلة المباشرة، لم تعد في ملعبه، ولان حليفه أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، دعا مؤخراً للتوافق على قانون إنتخاب، أي انه سهّل عملية الولادة القيصرية لهذا القانون، لانه يرفض خياري التمديد والفراغ.
لذلك أيضاً، يأتي رفض رئيس الجمهورية للفراغ من منطق رفضه سقوط مؤسسات الدولة، لكن لا يضره الأمر، حسب المراقبين أن يوصل الفراغ من زاوية عدم التمديد لمجلس النواب، في حال لم يتم التوافق على قانون جديد.
وبذلك يكون عون قد تمكن من محاسبة برّي، على عرقلته ولادة قانون جديد للإنتخابات، دون أن يرفض رئيس الجمهورية إعادة إجراء الإنتخابات النيابية وفق القانون النافذ، بدعوة من الحكومة عملاً بمواد ومهل دستورية مغلقة وقابلة للإجتهاد في الوقت ذاته.
وعملاً بهذا المسار الدراماتيكي، يكون عون قد برّأ ذاته من القبول بالتمديد النيابي، مترجماً موقفه الرافض له، ثم ان التهويل من جانب محور الممانعة الداخلي للإنسحاب من الحكومة، غير ممكن تطبيقه، لأن حزب الله، الذي يرفض الفراغ، ولا يريد المغامرة بهذا الخيار، على ما أبلغ نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم القاسم عون، خلال استقباله وفد الحزب في بعبدا لمناقشة الملف الإنتخابي. لان الحكومة المستقيلة، عملاً بالدستور، تفتقد للواقع الذي يمكنها من تشكيل لجنة الإشراف على الإنتخابات، بهدف إجراء هذا الإستحقاق النيابي بعد مرحلة من الفراغ، إستناداً الى القانون النافذ، لإخراج البلاد من الفراغ النيابي، الذي لا يتحمله حزب الله، وكذلك معظم القوى.
كما ان إجراء الإنتخابات وفق قانون الستين، يأتي بمثابة إلتزام عون بإحترام المهل الدستورية، كرسالة للقوى الغربية، ولا يكون، حسب المطلعين على هذا الملف، مسؤولاً عن بقاء هذه الصيغة الإنتخابية التي كرر رفضه لها على مدى سنوات.
وفي المقابل لا تجد الأوساط المحيطة ببري أن الأمور مغلقة، ولا يمكن التوصل الى قانون إنتخاب، إذا توفرت لدى المعرقلين نوايا جدية، لأنه مطلوب التواضع في المطالب، ومراعاة الآخر، لأن البلاد لا تستطيع الإستمرار في أجواء من التحدي، ولا يمكن كذلك إجراء إنتخابات معروفة النتائج إستناداً الى القانون الذي ستجري على أساسه.
فبري تتابع الاوساط يميل الى قانون يوازن في التمثيل النيابي ولا يقطع الطريق على اي قوى للتمثل مهما صغر حجمها، وكذلك يتمسك بصيغة تطمأن كافة الطوائف ان خصوصياتها مصانة ومن غير الممكن تذويب اي فريق ،دون ان يفرض القانون الانتخابي الجديد خطابا طائفيا على المرشحين بهدف كسب ود الناخبين ليقترعوا لصالحهم.