IMLebanon

استقرار المنطقة لا يرتهن للاتفاق النووي الغرب عمّم الانطباع عن “مكاسب إيران”

بالنسبة الى السياسيين غير الخبراء في ما خص بنود الاتفاق النووي الغربي مع ايران ساهم عاملان على الاقل في تعميم الانطباع بان الكفة راجحة لمصلحة ايران في هذا الاتفاق ساعات قليلة بعد الاعلان عنه ومن دون امكان التمحيص ودرس تفاصيله وعلى رغم ان تنفيذ البنود ورفع العقوبات قد يأخذ بضعة اشهر حتى نهاية السنة الحالية. العامل الاول ما صرح به مسؤولون غربيون كانوا على طاولة المفاوضات على غرار ما خرج به وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس من ان الاتفاق قوي بما يكفي لعشر سنوات كما قال، وكأن اعمار الشعوب تقاس بعشر سنوات او اكثر بقليل ما اوحى بانه تم تأخير الاتفاق بالتزامن مع الرهان على ديناميات متغيرة في ايران نفسها وفي المنطقة. والاتفاق نفسه سعى وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند الى تسويقه بطمأنة العالم الى “ان كل الطرق امام ايران لصنع قنبلة نووية قد اغلقت” على نقيض المدة التي وردت في كلام فابيوس او في الاتفاق نفسه. والعامل الاخر مسارعة الدول الغربية الى ابداء الاستعداد لزيارة طهران او البدء بذلك من اجل تحضير الارضية لانفتاح يستفيد منه الغرب من خلال ري ارض متعطشة لاستثمارات كبيرة تحتاج اليها ايران كما يحتاج اليها الغرب المنهمك بازماته المالية، على ما اعلن وزير الخارجية الفرنسي نفسه وما استعدت له المانيا وبريطانيا ايضا ما قد يستخدم كوسائل من اجل محاولة الرئيس الاميركي باراك اوباما الكونغرس من اجل الموافقة على الاتفاق. ومحاولة الاحراج هذه تمر ايضا في ما كشفه ديبلوماسيون عن مسارعة الولايات المتحدة الى توزيع مشروع قرار على مجلس الامن للموافقة على الاتفاق النووي والغاء العقوبات والذي يرجح ان يصوت عليه الاسبوع المقبل بما يضع الكونغرس امام خيار ابقاء العقوبات الاميركية فقط على ايران في حال نجح في رفض الاتفاق.

لم تطمئن هذه المواقف مراقبين متابعين في الدول الغربية ايضا. وعدم الاطمئنان لا يستند الى استيعاب ايران في المجتمع الدولي بل الى السعي الى استيعابها مدعمة بقدرات مالية كبيرة وبقائها متفلتة من دون قيود في المنطقة . كما لم يطمئنهم الاستعداد الاميركي المرافق لتسويق القرار. فاولى الرسائل التي وجهها اوباما في خطاب متلفز الى الاميركيين بعد الاتفاق كانت في اتجاه الكونغرس الاميركي الذي “اقر بان مثل هذا الاتفاق المعقد يجب ان يخضع لمراجعة دقيقة من الشعب الاميركي وممثليه من الكونغرس” لان التفاصيل مهمة ولاننا نتعامل مع دولة كانت مدى 35 سنة خصما ثابتا للولايات المتحدة. ولذلك فانني ارحب بنقاش قوي في الكونغرس لهذه المسألة، كما ارحب بالتدقيق في تفاصيل الاتفاق” كما قال، مهددا في الوقت نفسه بانه في حال رفض الكونغرس الاتفاق سيستخدم حقه في نقضه (عندها يعود قرار فرض الفيتو الى الكونغرس الذي يحق له نقض الفيتو الرئاسي ولكن باكثرية ثلثي الاعضاء وهو امر لا يمكن ان يحققه الجمهوريون الا اذا نضم اليهم عدد كاف من الديموقراطيين. وهذا أمر بالغ الصعوبة). اي انه يرغب في ان يناقش الكونغرس الاتفاق ويوافق عليه ولا يرفضه ما يؤكد الهامش الضيق لاي مراجعة له. لكن بدا واضحا سعي اوباما للحصول على موافقة الكونغرس ولا يريد ان يمر الاتفاق من دون هذه الموافقة. كما هو لا يخفي انزعاجا من رفض اسرائيلي عبر عنه رئيس الحكومة الاسرائيلية وسائر المسؤولين الاسرائيليين لخشيته من ان يؤثر الموقف الاسرائيلي على تصويت الكونغرس. ولذلك وعد بان يدعم اسرائيل بما يساعد في طمأنتها في وجه ايران وطموحها في المنطقة. واذ اعلن ايضا في محاولة طمأنة الدول العربية ايضا ان “الاتفاق لا يحل مشكلاتنا مع ايران واننا نشارك الهواجس التي يعبر عنها حلفاؤنا في الشرق الاوسط كاسرائيل والدول الخليجية حول دعم ايران الارهاب وسعيها الى دعم افرقاء لزعزعة استقرار المنطقة” فانه يخشى خصوصا الا تسري مفاعيل هذا الاطمئنان الاخير على رغم اجراء الرئيس الاميركي اتصالات بالعاهل السعودي ومسؤولين خليجيين اخرين مؤكدا “التزام الولايات المتحدة العمل مع الشركاء في الخليج من اجل التصدي لانشطة ايران التي تزعزع الاستقرار في المنطقة”.

فالرئيس الاميركي قد يصب اهتمامه في الاشهر المقبلة على الحصول على موافقة الكونغرس وتهدئة خاطر اسرائيل ومخاوفها نسبيا نظرا الى ان علاقته مع نتنياهو لا تزال على حالها من البرودة والنفور، لكن كثرا يعتقدون انه قد يصعب على اوباما اعطاء حلفائه الخليجيين ما يطمئنهم بالنسبة الى الخطورة التي تشكلها ايران بالنسبة اليهم. ففي الخطاب الذي القاه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في ذكرى اليوم الوطني الفرنسي تمنى ان تساهم ايران بالمساعدة في ايجاد حل للازمة السورية، ما يشكل اقرارا فوريا بالاعتماد على ايران لايجاد حلول. وهو ما قد تكون تتوقعه الدول العربية في شكل خاص في حين ان خبراء كثر يقولون انه من المبكر جدا الاعتقاد بان اوباما قد يلوي ذراع ايران في سوريا بما يدفعها الى لجم حليفها النظام السوري عن قتل الابرياء. اذ هو لم يفعل ذلك مع ايران في زمن سعيه الى الاتفاق معها ولن يفعل ذلك في زمن تثبيته انجازاته علما ان سوريا قد تكون المجال الابرز الذي يسعى فيه العرب الى لجم طموح ايران وتعدياتها فيما اوباما لم يغير سياسته بعدم الانخراط في سوريا بغير الضربات المحددة من اجل الاكراد او في محطات معينة.