Site icon IMLebanon

الدولة في سباق بين تحصين الأوضاع وبين تنامي العجز على أكثر من مستوى

 

في أوساط حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة نصيحة إلى مَن في أيديهم القرار السياسي والمالي، بالنسبة إلى الزيادات بموجب قانون سلسلة الرتب والرواتب، وهي:

تدبروا التمويل قبل إعطاء الزيادة.

يقول الحاكم هذا الكلام من باب حرصه على الدولة أولاً، وعلى خزينة الدولة ثانياً، وعلى مؤسسات الدولة ثالثاً. صحيحٌ أنَّه مقلٌّ في الكلام، لكن لكل كلمة يقولها وقعها الكبير على قادة السلطة السياسية في البلد.

وما لا تقوله أوساط حاكم مصرف لبنان، تقوله أوساط وزير المال علي حسن خليل، الذي يقع على رأسه جبل المالية العامة ويحاول من خلاله فرز ما هو عجز وفرز ما هو قدرة مالية.

المهم أنَّ الحكومة تداركت استباقياً ما يمكن أن يحدث من عجز، فطلبت من مجلس النواب تأخير تطبيق قانون السلسلة إلى حين إنجاز قانون الضرائب. بهذا الإجراء تكون الحكومة قد حققت استباقياً الخطوات التالية:

طمأنة القطاع العام إلى أنَّ سلسلة الرتب والرواتب باتت حقاً مكتسباً، وبمجرد أن جرى تطبيقها مرةً واحدة فهذا يعني أنَّها باتت سارية المفعول، وكل ما في الأمر أنَّ السير فيها بات مسألة تأجيل وليس مسألة تعليق أو توقف.

الأمر الثاني والأهم أنَّ الحكومة مدعوة إلى التفتيش عن إيرادات خارج جيوب أصحاب الدخل المحدود. وما لم يحصل هذا الأمر فإنَّ الضرائب ستُثقل كاهل المواطنين، وسيكون المواطن في حال عجز عن تسديد ما هو لخزينة الدولة، فنكون في هذه الحالة قد اقتربنا من الحالة اليونانية، بمعنى إفلاس الدولة وعجزها عن سداد مستحقاتها.

في هذا السياق، بدأت تلوح تقارير تشير إلى أنَّه في حال دفعت الحكومة الزيادات من دون تمويل السلسلة، فإنها بعد سنتين ستكون عاجزة عن دفع الرواتب كلياً، عندها نكون قد دخلنا في الفترة غير المسبوقة التي لم يشهدها لبنان من قبل. لكن الحكومة واعية لهذا الأمر وهي لن تسمح للأوضاع بأن تصل إلى هذا الحد. وكلُّ الخطط التي تضعها تأتي في هذا السياق.

أولى الخطوات إقرار الموازنة العامة للعام 2017، والبدء بإعداد الموازنة للعام 2018. هذه خطة أساسية لا بدَّ منها لضبط المالية العامة ولعدم الذهاب بعيداً في الإنفاق.

وإذا كان هناك من توافق بين القوى السياسية، فهو توافق على أنَّه من غير المسموح الوصول إلى الإنهيار المالي والإقتصادي، لأنَّه لو حصل ذلك، لا سمح الله، فإنَّ كل الأمور تنهار. فلا نظام يبقى قائماً ولا تركيبة حكم تبقى، ولا يعود بالإمكان إجراء إنتخابات نيابية. ويصبح البلد من الدول المنهدمة الثقة.

لهذه الأسباب مجتمعة تسعى السلطة التنفيذية ومعها السلطة التشريعية إلى تحاشي تجرُّع هذه الكأس المُرة.

والعمل الجدي لا يكون داخل البلد فقط، بل من خلال الجولات الخارجية، سواء بالنسبة إلى رئيس الجمهورية أو بالنسبة إلى رئيس الحكومة.

وهكذا بين الحركة الداخلية والمساعي الخارجية، تعمل السلطة على رفع جدران الحمايات للبلد من كل العواصف المرتقبة والمفاجئة.