IMLebanon

دولة فلسطين في مئوية وعد بلفور

 

تعب العالم من اسرائيل. لم يعد من الممكن الصمت وترك التطرف الاسرائيلي يصل الى إقامة دولة الفصل العنصري، وهو الذي ساند شعب جنوب افريقيا حتى اسقط تحت قيادة السجين التاريخي نيلسون مانديلا نظام البيض العنصري وفتح الباب نحو إقامة اكبر دولة ديموقراطية في افريقيا السوداء. ايضا لم يعد العالم المشغول بصعود التطرف الاسلامي الأعمى مجسدا بـ«داعش»، ان يدير ظهره للصراع الاسرائيلي – الفلسطيني على قاعدة ان مركز الصراع موجود في التطرف الاسلامي، اذ اصبح واضحا ان القضية الفلسطينية هي صخرة سيزيف التي مهما ابتعدت عن الأنظار تبقى هي صانعة كل التطورات والترددات. ايضا لم يعد باستطاعة العالم الاستمرار في رمي مسؤولية فشل السلام على الفلسطينيين، وهم الذين وقعوا على اتفاق أوسلو قبل عشرين عاما وأكثر ولم يحصلوا على دولتهم. كل ما حصل عليه الفلسطينيون المزيد من الحروب وتقطيع أوصال أراضيهم ومصادرتها والتجويع المبرمج وقضم وهضم القدس وأخيرا مشروع يهودية اسرائيل والاستعداد لتسفير فلسطينيي العام وتهجيرهم. 

العالم بدأ يستيقظ. بريطانيا العظمى التي أعطت عبر وعد بلفور «ما لا تملك لمن لا يستحق» قبل عاما، صوّتت في خطوة رمزية على قرار يطالب الحكومة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. هذه بداية مسار يصل الى التكفير عن الخطيئة التاريخية. البرلمان الفرنسي اقدم ايضا على قرار تاريخي وان كان رمزيا لانه غير ملزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية. العجيب فرنسيا ان اليسار الاشتراكي الذي لم يعرف عنه الالتزام فلسطينيا لانه اقرب الى اسرائيل هو الذي منح الأغلبية للقرار، في حين ان اليمين المؤيد للعرب وللقضية الفلسطينية عارض القرار. مشكلة اليمين انه يعيش على وقع نيكولا ساركوزي الطامح الى العودة رئيساً للجمهورية حتى ولو دخلت فرنسا الى غيتو اليمين المتطرف. الأهم ان البرلمان الاوروبي يريد إقامة الدولة الفلسطينية.

الاعتراف بالدولة الفلسطينية على السكة الصحيحة. قد لا تحل ذكرى مئوية وعد بلفور بعد عامين الا وتكون الدولة الفلسطينية دولة معترف بها دوليا. اسرائيل والولايات المتحدة الاميركية تبقيان في قلب هذا القرار التاريخي. بنيامين نتنياهو لم يتحمل المعارضة البسيطة لمشاريعه القومية المتطرفة فقرر الانتخابات المبكرة. رغم ان اليمين هو الذي سيربح الانتخابات لان اليسار لم يعد موجودا، الا ان بالمئة وأكثر من الإسرائيليين لا يريدونه رئيساً للحكومة. الأهم ان أصواتا عديدة ومؤثرة في اسرائيل بدأت تقول عاليا «ان العالم لم يتحمل السياسة الإسرائيلية، وانه من الافضل الانسحاب من الضفة وإنهاء الاحتلال لتحويل الموارد المالية لخدمة الإسرائيليين، والعمل لاسترجاع الطابع الديموقراطي والاخلاقي لدولة اسرائيل». 

الولايات المتحدة الاميركية قلقة من السياسة الإسرائيلية والتوجهات الفلسطينية. ابرز ما يمكن ان تقوم به واشنطن، عدم إشهار الفيتو في مواجهة اي قرار يتناول المستوطنات في الامم المتحدة. فلسطينيا، إقناع الرئاسة الفلسطينية بتأجيل مشروعها بعضوية دائمة في الامم المتحدة. وحتى تنجح الخطوة فلسطينيا تعمل فرنسا وبريطانيا وألمانيا على مشروع يدعو الى إنهاء الاحتلال الاسرائيلي، ووضع جدول زمني لإنهاء المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية في فترة لا تزيد عن عامين. بذلك لا تبقى المفاوضات مفتوحة على الوقت وسياسة القضم والهضم الإسرائيلية. 

هل يُكتب النجاح لهذا المسار ؟ 

الجواب في تعب العالم من ام النزاعات في العالم اي الفلسطيني – الاسرائيلي. ربما رغم عدم عدالة استرجاع فلسطين من النهر الى البحر، فان ذلك يكون نهاية المتاجرة بتحرير فلسطين الى درجة القبول بتسليم كل الوطن العربي الى ايران وتركيا والإسلام الاصولي الاعمى والاسود.