في يومها العالمي، يستمرّ نضال المرأة اللبنانية على أكثر من صعيد، في بلد عُرف بأنه سويسرا الشرق ورمز الانفتاح والديمقراطية في محيطه المحافظ ، إلا أنه لم يأخذ من الحضارة سوى قشورها ومظاهرها الفارغة، وأهمل لبّ التطوّر الذي يتمثل بإعطاء فرص متوازنة لجميع أبنائه، بغض النظر عن الطائفة والجندر، لخدمة المجتمع من خلال الانخراط بالحقل العام في المؤسسات التشريعية والتنفيذية على حدّ سواء. ولكن كيف للمرأة، مع كل الإجحاف اللاحق بها، أن تكسر قيود الذكورية المسيطرة على مؤسسات الدولة وتُحصّل بعضاً من حقوقها التي لم تعد تندرج تحت خانة الرفاهية بل الضرورة الملحة من إعطاء جنسية لأولادها في حال تزوّجت من غير لبناني، وهو حق إنساني لا بد من إخراجه من زواريب الطائفية السقيمة التي لم تنجح إلا في إعادة البلد سنوات للخلف ونحو التخلف! تماماً كما تطبيق القوانين المتعلقة بالعقوبات بحق المُعتدي عليها بعد موجة العنف التي اجتاحت المجتمع اللبناني بفعل التفلت والتسيّب والاستنسابية في تطبيق القوانين، حيث تبقى المرأة الحلقة الأضعف في مجتمع يعطي الأولوية للرجل في سوق العمل، في سنّ وتطبيق القوانين وإعطائها بقايا الفرص في خدمة المجتمع ضمن مؤسسات الدولة والوظائف الرسمية!
إن نسبة إقبال العنصر النسائي لتقديم الترشيحات وخوض المعركة الانتخابية المقبلة تدل على كيل قد طفح من إمعان الطبقة السياسية في تهميش المرأة وحرمانها من فرص إثبات جدارتها والاستفادة من كفاءاتها المتنوعة، واستخدام «جزرة» الكوتا النسائية كلما دقّت ساعة الانتخابات.
إنها فرصة ذهبية لتثبت المرأة أنها لن تنتظر أكثر، بل ستنتزع حقوقها من دون منّة أو جميل ذكوري، فهل ستنتهزها وتثبت أن صوتها هو بيضة القبّان في صناديق الاقتراع، وأنها قادرة على تجميع طاقاتها وتوحيدها ضمن حركة لوبي وازنة، توصل صوتها إلى قبة البرلمان وتنصفها على صفحات القوانين المجحفة وفي قاعات المحاكمات المنحازة، وضمن المؤسسات الرسمية ذات الطابع الذكوري الطاغي؟
مهما كانت نتيجة الانتخابات، لم تعد الأرقام، هي التي تحدّد الأحجام كما جرت العادة، بل باتت المبادرات المؤشر الأهم على تمرّد شريحة من المجتمع لم تعد ترضى بتسليم رقبتها لجلادها، ولا تزال تؤمن بأنها قادرة على التقدّم ولو خطوة على طريق مشوار الألف ميل نحو دولة المؤسسات والوطن المنصف والآمن لجميع أبنائه!