Site icon IMLebanon

العاصفة تهبّ مرّتين: (كاسندرا)ومن ثمّ (HFNT)

 

فيما كانت الأنظار مسلّطة على النسخة الثانية من قانون العقوبات الأميركي على حزب الله، لاستنباط تداعياته المحتملة على لبنان، جاء خبر تشكيل وحدة أميركية خاصة لملاحقة تجارة حزب الله بالمخدرات وتبييض الاموال، وفق التعبير الاميركي، لتزيد منسوب القلق حيال ما سيجري في الأيام الطالعة.

في لائحة التحديات التي يواجهها الاقتصاد في المرحلة المقبلة، بالاضافة الى تداعيات الأزمة السورية، وغياب الرؤية، واستمرار الفوضى والهدر والفساد، تندرج قضية التعاطي الأميركي مع لبنان كقاعدة تحتضن حزب الله في رأس قائمة المخاطر التي تهدد البنية الاقتصادية.

وقد شهد هذا الملف الساخن، تطورين متلازمين تمثلا باقرار النسخة الثانية من قانون العقوبات على حزب الله قبل نهاية 2017، وباعلان وزراة العدل الاميركية قبل ايام، تشكيل وحدة خاصة لملاحقة شبكات حزب الله لتجارة المخدرات وتبييض الاموال حول العالم.

ويوحي وصول بعثة أميركية تابعة للوحدة الأميركية الخاصة، (Hezbollah Financing and Narcoterrorism Team) الى بيروت لبدء عملها في التحقيقات، بالجدية والسرعة التي سوف تطبع عمل الفريق الاميركي المدعوم بقوة من الادارة الاميركية، على عكس ما جرى مع برنامج «كاسندرا» الذي كان مولجا بالمهمة نفسها، لكنه واجه عراقيل في عهد ادارة باراك اوباما.

واذا كان «كاسندرا» الممنوع من تحقيق الانجازات، حسب شهادات المشرفين عليه، وبالتماهي مع النسخة الاولى الملطّفة من قانون العقوبات، قد أقلق الاقتصاد اللبناني، وأدى الى اغلاق وبيع مصرف، والى تفجير في المقر الرئيسي لمصرف آخر، ووضع مجموعة من الاسماء على اللائحة السوداء، وكلفة مالية اضافية على القطاع المصرفي لتطبيق مندرجات القانون، فكيف ستكون نتائج مشروع (HFNT) بالتماهي مع النسخة الثانية من قانون العقوبات، الاكثر تشدداً والاكثر تمدداً، والمدعوم بقرار سياسي صارم بالتنفيذ غير الرحيم؟

في الاجابة على هذا السؤال الرئيسي، يمكن إدراج بعض الحقائق والتساؤلات التي تشكّل في مجموعها نوعا من الاجابة الافتراضية:

اولا – الموقف السياسي للادراة الاميركية واضح لجهة التغيير الذي طرأ حيال العلاقات مع طهران، والذي تحوّل من المهادنة والتوافق والتطبيع، الى المواجهة والتضييق وتقليص النفوذ.

ثانيا – ان الكمّ من المعلومات التي تملكها الاجهزة الاميركية حيال ملف حزب الله كبيرة جدا، ولم يتم الافصاح سوى عن قدر يسير منها حتى الان. وهذا الامر ظهر بوضوح من خلال بعض التفاصيل التي رافقت الكشف عن اعمال برنامج كاسندرا.

ثالثا – ان اعتقال رجل الاعمال اللبناني قاسم تاج الدين في المغرب، وترحيله الى الولايات المتحدة، واخضاعه الى تحقيقات مكثفة للحصول على معلومات وأدلة، اذا توفرت، يؤشّر الى ان واشنطن تبني ملفا متكاملا حول هذا الملف الحسّاس. كما ان الحديث عن تتبّع آلاف المكالمات الهاتفية في اميركا الجنوبية، وتفكيك شيفرتها وتحليلها، كلها جوانب تشير الى ان نوعية المعلومات التي باتت تملكها الاجهزة الاميركية واسعة جدا.

رابعا – هناك تداخل بين الحقائق والسياسة الاقليمية وسياسة واشنطن مع ملف التبييض والارهاب وتصفية الحسابات. وبالتالي، يصعب الفصل بين كل هذه الامور المتشابكة، الى حد ان حادثة سقوط الطائرة المدنية الاثيوبية في المياه اللبنانية والتي قضى عليها احد الاشقاء من آل تاج الدين، لا تزال تشكل لغزا ومثار شائعات حول اسباب سقوطها.

خامسا – ان الوصول الى بيروت للتحقيق في ملف تورط حزب الله في تهريب المخدرات وفي تبييض اموال الارهاب والتسلّح، يؤشّر الى احتمال وجود لائحة طويلة من الاسماء التي قد تتناولها شبهة التورّط، وبالتالي، هناك اسئلة مشروعة اذا ما كانت اللائحة ستشمل اسماء سياسيين لبنانيين، شيعة او غير شيعة، الامر الذي سيشكل تحديا للسلطات اللبنانية في التعاطي مع امر مماثل، قبيل موعد اجراء الانتخابات النيابية.

سادسا – كيف سيكون لبنان منصّة لاعادة اعمار سوريا، اذا كانت الشركات العالمية التي قد تأتي الى بيروت ستواجه معضلة اختيار الجهات التي تستطيع ان تتعاون معها في المشاريع، من دون المجازفة في التورّط مع جهات مشبوهة أميركياً وموضوعة تحت مجهر الرقابة؟

مع الاشارة هنا، الى ان اجهزة حزب الله تحظى بالاولوية في كونها بوابة العبور الى مشاريع اعادة الاعمار في سوريا. فكيف السبيل الى الوصول الى هذه المشاريع ما دام عبور هذه البوابة ممنوعا؟

في الخلاصة، لبنان الاقتصادي والمالي على موعد مع تحديات قاسية، لا تتماهى واجواء التفاؤل السائدة قبيل انعقاد مؤتمرات الدعم، ومن ضمنها مؤتمر «باريس 4».