Site icon IMLebanon

قصة زيارة جيمس بيكر للبنان تمهيداً لمؤتمر سلام طارىء

جمهورية تواجه حوار الطرشان أحياناً

ودولة تعوم بعد الغرق في وهاد الأزمات

عندما وصل الرئيس نبيه بري الى سيدني مبتدئاً زيارة رسمية الى أوستراليا. أقام له في اليوم التالي نواب في المجلس النيابي الفيدرالي حفل تكريم على شرفه، وراح يطوّق الرئيس بري بالثناء، ويحيطه بالتكريم والتقدير لأنه تناهى اليهم، ان مغترباً لبنانياً يُدعى بيار رفول وزير الدولة الحالي لشؤون رئاسة الجمهورية، واحد رموز الاغتراب اللبناني في القارة النائية، أقام حفلاً تكريمياً على شرف عضو في الوفد النيابي الذي اصطحبه رئيس مجلس النواب الى تلك البلاد الجميلة، وان الزيارة بدأت بالتوجه الى ملبورن وانها ستتوج بزيارة العاصمة كامبرا.

في اليوم الثاني اختفى الرجل الذي كرّمه بيار رفول، من دون أن يدري أحد سبب ذلك الغياب. في حين كلّف الرئيس بري من يبحث عنه.

الا ان لا حديث لأحد الا عن جرأة بيار رفول، وشجاعة الرجل الذي كرّمه. ونوهوا باشادته بمواقف العماد ميشال عون، قبل سفره الى مارسيليا، ومن ثم الى مدينة لاهوت ميزون القريبة من باريس.

ولما عاد بيار رفول الى لبنان، وزيرا في حكومة الرئيس سعد الحريري واثناء انعقاد مجلس النواب اللبناني، في جلستين اشتراعيتين بدعوة من الرئيس نبيه بري الذي قيل له ان السلطات الاوسترالية الفيدرالية تشيد به، لانه حرص على اصطحاب من هو مناوئ له سياسيا الى آخر الدنيا، وهذه ظاهرة ديمقراطية قل نظيرها في العالم الثالث.

وعندما عثروا على الشاب الهارب من انصار رئىس المجلس النيابي، بادره الرئىس بري بانه يريد ان يشكره لان المضيفين له، اشادوا بخطوته ونوهوا بان في لبنان، مسؤولا كبيرا اصطحب معه شابا معارضا لسياسته الى اوسترالي.

لا احد يدري ما اذا كان الوزير الجديد بيار رفول قد اعجب بمبادرة الرئىس بري، ام ان الخطوة جاءت صدفة من غير ميعاد او اعداد.

بيد ان الذين تعرفوا على بيار فول، قد ادركوا ان الرجل، ما كان ليحتشد الى جانبه العشرات من المغتربين في اوستراليا، لو لم يكن يتمتع بصفات ومناقب تؤهله ليكون قائدا في السياسة، لا مجرد رجل سياسة.

وهذا ما جعل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري يضمه الى فريق عمله الوزاري، لانه يتمتع بصفات نادرة ويتحلى بمواهب قيادية ترشحه لاحتلال مناصب بارزة في العمل السياسي.

وهذا ما جعل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يقول ان البلاد بحاجة الى ذهنية جديدة وتغيير عميقين لنعيد الى الوطن نضارته، ولنعيد بناءه على اسس جديدة لان اي وطن لا يستقيم من دون الشعور مع الاخر والانتماء الى مختلف طبقات الشعب.

والعماد عون دعا كل فرد في المجتمع الى ان يشعر مع غيره، ويساهم في بناء الوطن، معتبرا ان لبنان جزء من المنطقة، وقال انه لا يمكننا بعد اليوم الا ان نتطلع من حولنا، فنحن مشرقيون.

وفي رأي رئيس الجمهوريج ان الوحدة مع الاخر، هي ثورة على الانعزال لان لبنان الواحد والموحد هو مطلب الجميع.

كانت المناقشات في مجلس النواب، بمثابة عودة الى سياسة التوافق، وقول رئيس الجمهورية والرئىس سعد الحريري، انهما ضد قانون الستين، ويريدان قانونا انتخابيا يجمع ولا يفرّق هو موقف للبناني اساسي، لانه يحرر الوطن من الشرذمة.

وهذا ما جعل النائب عماد حوري يقول ان الذهاب الى قانون انتخابي جديد، تمليه مصالح لبنان العليا، وان العماد عون، سواء كنا معه او ضده، يريح اكثرية القوى السياسية وان قانون الانتخاب هو قانون سياسي بامتياز، وتتقدم اهميته على ما عداها من القوانين، لانه يحدد مستقبل الحياة السياسية ويحدد ايضا الخريطة السياسية لتوزيع القوى السياسية في البلد.

واعتبر ان قانونا ينطلق من اضطهاد مقصود ليست له فرص النجاح.

ورأى النائب حوري بأن الزيارة التي قام بها الرئيس عون والوفد المرافق للسعودية وقطر كسرت الجليد الذي كان قد تراكم، واعادت صورة العلاقة الودية الى طبيعتها.

الا ان الخطوة البارزة، كانت احباء ذكرى السنة الاولى، لقيام اتفاق معراب بين حزبي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ويوضح الدكتور سمير جعجع رئىس حزب القوات ان الاسباب الموجبة الى هذا الخيار، الخوف من تمدد الفراغ الى مختلف المؤسسات الدستورية بعدما مضت سنتان ونصف السنة في رئاسة الجمهورية.

اضاف جعجع: ان الانتصار على المجهول قاد الى المعلوم، ووضع حدا للتعطيل والسير في المجهول.

في غضون ذلك، تشتد المعارضة السياسية ضد نقل المقعد الماروني في طرابلس والذي شغله بادئ الامر الوزير والنائب السابق جان عبيد، وهذا ما جعل النائب السابق في تيار المستقبل مصطفى علوش يدعو الى الحفاظ على التنوّع السياسي في عاصمة الشمال.

ويقول ان تأييده لتكبير الدوائر الانتخابية لا تصغيرها، يعود الى حرصه الشديد على وحدة التنوع الطائفي، ونحن في تيار المستقبل نسير في هذا الاتجاه. واشار الى ان الامور تتجه الى المزايدة في شأن قانون الانتخاب، معتبرا ان القوانين المطروحة ليست افضل من قانون الستين طالما ان القاعدة لم تتغير ولا الاقطاع السياسي الذي يحكم البلد والمستمر منذ اكثر من خمسين عاما.

كانت مفاجأة الاسبوع الفائت، اعلان النائب القواتي: انطوان زهرا انه لن يرشح نفسه للانتخابات المقبلة في دائرة البترون، فهو حليف النائب الشيخ بطرس حرب، وتحالف القوات والوطني الحر يجعله بين خيارين احلاهما مر: استمرار التحالف مع النائب حرب او الانفصال عنه، والتحالف مع وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل. وهو الامر الذي يتفاداه النائب القواتي، الذي ينتمي الى بلدة بترونية اعطت سابقا المرحوم يواكيم بيطار ونجله وزير الصحة العامة في حكومة الشباب اميل بيطار الذي ذهب شهيد المرض الذي انتابه، وهو اول من حمل معركة خفض سعر الدواء في لبنان.

في العام ١٩٧٠ كان التوجه السياسي يميل الى اختيار رئيس معاد للشهابية، فرشح الرئيس كامل الاسعد، بوصفه رئيسا لمجلس النواب سليمان فرنجيه، وايده في ذلك الرئيس صائب سلام، الا ان الوزير فؤاد غصن الذي كان يجلس الى جانب نائب زغرتا، في الحكومة ابرز ورقته وكتب عليها اسم سليمان فرنجيه ووضعها في صندوقة الاقتراع بعدما كان اقرب الى الشهابيين منه الى تكتل الوسط كما ان نائب الكورة الأغر باخوس حكيم وقف في اجتماع التكتل وابدى اصراره على اختيار اسم سليمان فرنجيه، مما جعل التكتل يرضخ ويقرر ترشيح الزعيم الزغرتاوي. ففاز باكثرية صوت واحد.

وهذا ما جعل النائب فؤاد غصن وزيرا في معظم حكومات عهد رئيس الجمهورية الفائز بصوت واحد.

طبعا، كان الدكتور الياس سابا ابن الكورة ايضا، قريبا من الرئىس فرنجيه فاختاره وزيرا للمالية واحيانا وزيرا للدفاع الوطني، الى ان تم التحالف بين الرئىس فرنجيه والاستاذ كمال جنبلاط الذي اختار عباس خلف وزير في حكومة رشيد الصلح.

كان سليمان فرنجيه ديمقراطيا في السياسة، ويخضع للمشورة لكنه لم يخضع لاحد في اي مسألة سياسية.

وعندما عرض الاميركان على لبنان، ان يزوره وزير الخارجية الاميركي هنري كيسنجر او موفدا عنه حذر رئيس البلاد من هذه الزيارة نظرا للوجود الفلسطيني الكثيف على الطريق بين مطار بيروت والعاصمة اللبنانية الا ان الرئىس فرنجيه عرض ان يكون الاستقبال في مطار رياق العسكري وتولى رئىس الحكومة يومئذ تقي الدين الصلح تنسيق الامر مع الاميركان.

في الاسبوع الماضي، القى وزير الخارجية الاسبق فارس بويز محاضرة باللغة الفرنسية في قاعة رياض سلامة في احد المصارف اللبنانية.

وروى خلال المحاضرة قصة مؤتمر السلام للشرق اللاوسط، وكيف اتصل به الاميركان، لعقد لقاء بين وزير الخارجية الاميركي جيمس بيكر ووزير الخارجية اللبنانية في احد العواصم العربية، بعد الاتفاق مع الرئىس الياس الهراوي.

عرض الاميركان ان يحضر جيمس بيكر الى الرياض، لكن الوزير بويز رد بانه لن يتسلم اي دعوة اميركية خارج الاراضي اللبنانية، الا ان الوزير الاميركي لم تعجبه الفكرة، فعرض الامر على سوريا، باعتبار ان جيمس بيكر في طريقه الى سوريا لتسليم الدعوة الى الرئىس حافظ الاسد.

واتصل على الفور، كما قال بويز، وزير الخارجية السوري يومئذ فاروق الشرع بالوزير بويز وعرض عليه اعطاءه فندق الشيراتون بكامله، لاستقبال الضيف الاميركي بيد ان الوزير فارس بويز رفض هذا العرض واصر على استقبال الوزير الاميركي في بيروت وليس اي مكان آخر.

عندئذ، رضخ الاميركان وابلغلوا لبنان بان جيمس بيكر سيحضر للمرة الاولى منذ زمان طويل الى العاصمة اللبنانية.

وهذه القضية سببت ازمة بين الرئيس الهراوي والوزير بويز، وعندما دُعي مجلس الوزراء الى الانعقاد لاقرار ترتيبات زيارة هامة جدا الى لبنان، تساءل الوزراء عن هذه الزيارة الهامة؟

وعندما اجتمع مجلس الوزراء في المقر الرئاسي المؤقت في جوار جناح سبينس وتبلغ الوزراء ان وزير الخاجية الاميركي سيكون بعد اسبوع في لبنان، غادر الوزير عبدالله الامين قاعة مجلس الوزراء المقدمة من الرئيس الشهيد رفيق الحريري وغيره من السادة الوزراء. الا ان وزير حزب البعث العربي الاشتراكي، سمع من الوزير فاروق الشرع ان الرئىس حافظ الاسد موافق على الفكرة.

روى فارس بويز على مدى ساعتين فصولا من ازمة السلام ومؤتمر السلام العربي – الاسرائيلي، وقال كلاما لم يكن ليقوله سابقا عندما كان في الحكم.

ولعل الوزير السابق للخارجية اللبنانية احب ان يمارس دوره هذه المرة. باسلوب جيد، ربما، لان المستمعين اليه من نخبة اهل السياسة وباللغة الفرنسية، التي يستطيع المحاضر من خلالها ان يقول ما هو خارج المألوف.

هل يظهر الحوار الانتخابي حول قانون لا احد يجاهر باسراره.

سؤال صعب خصوصا وان قانون الستين غير مرغوب فيه، لكنه القانون المرجح للمرحلة المقبلة، ذلك ان الوقت لا يسمح بسهولة، لاقرار قانون عصري سواه.

صحيح ان الرئيس العماد ميشال عون متفق مع رئيس الحكومة على قانون جديد وعصري. وصحيح ايضا ان قانون الستين، مع احتمالات تعديله، يواجه هو الاخر مصاعب وعقبات، لكن الوقت يسمح لتعديلات جديدة، ولا يتيح الفرصة لاعداد واقرار قانون جديد، خصوصا وان النسبية تحتاج الى مفاهيم جديدة، وقوانين لا بد منها لتصبح سهلة وتعبر في سلام الى التنفيذ.

ويقول النائب انطوان زهرا ان القوات اللبنانية هي شريكة العهد الجديد ولا بد من التوصل الى صيغة حضارية، لان المطلوب انجاز قانون الانتخابات والموازنة، ومنع الفساد من مرافق السلطة، وانا استبعد التمديد للمجلس الحالي، لكني لست استبعد تأجيل الانتخابات حتى ايلول ٢٠١٧.