يرتدي الطابع الجديد الذي اتخذه الحراك الشعبي في الساعات الماضية، طابع الحسم على المستويين السياسي والميداني وتالياً الحكومي، اذ ان اوساط وزارية في حكومة تصريف الاعمال، كشفت عن أن أفق المأزق الحكومي قد أصبح واضحاً وهو التصعيد الخطير في الشارع او تشكيل حكومة جديدة بالحد الادنى من التفاهمات السياسية على الحصص والحقائب، وذلك بعدما كانت المفاوضات السياسية قد وصلت الى حال من المراوحة السلبية في ضوء انقطاع التواصل المفيد بين المعنيين بهذه العملية في عطلة الاسبوع الماضي ، الى أن تحركت عجلة الاتصالات صباح يوم الثلاثاء وتبدل المشهد بالكامل.
واذ وصفت الاوساط الوزارية الملف الحكومي بأنه بات يفتقد المعايير التي كانت متبعة في عمليات تأليف الحكومات منذ اتفاق الطائف، وجدت أن هذه العملية قد تحولت الى رهينة للتجاذبات كما حافزاً لتصعيد الانتفاضة الشعبية، بينما أصبح من الثابت أن المواطنين الخائفين على مصيرهم، قد قرروا البقاء في الشوارع التي أقفلوها حتى ولادة الحكومة الجديدة والتي يجب أن تعمل على ابعاد شبح المجاعة عنهم في مرحلة أولية قبل أن تعمل على تنفيذ أجندات سياسية او مالية او اقتصادية. واعتبرت أن العجز الواضح عن الوصول الى اتفاق سياسي ما بين القوى المعنية بالتأليف بشكل خاص، هو الذي تسبب بالجولة الاخيرة من التصعيد السياسي والشعبي، لكنها كشفت أن خلاصة ساعات الغضب يوم الثلثاء الماضي، قد ساهمت في تحويل المسار الحكومي من الاتجاه السلبي الى اتجاه جديد أقل سلبية، حيث أن ضوابط واضحة وخطوطاً حمراء قد وضعت أمام العاملين على خط التأليف وهي التي أدت الى انحسار موجة التصعيد هذه وتأجيل «الغضب» الشعبي.
وقالت الاوساط الوزارية ان الاستحقاق الحكومي هو اليوم امام منعطف حاسم سواء لجهة الاعلان عن التشكيلة النهائية او لجهة الاعلان عن فشل العملية برمتها، مع العلم أن أكثر من شخصية سياسية التقت الرئيس المكلف في الساعات الماضي أكدت أنه ليس في وارد اعلان الفشل وأنه بات أكثر اصراراً اليوم على انجاز مهمته، وبالتالي فإن حكومة الاختصاصيين قد وضعت على نار حامية بصرف النظر عن مشهد النار المشتعلة في الشوارع.
ومن ضمن هذا السياق فإن الانقلاب في المناخ السياسي، يخفي في طياته قراراً جرى اتخاذه على أعلى المستويات، كما لفتت الاوساط نفسها، وهو يقضي بوضع حد لكل العقبات الموضوعة امام ولادة الحكومة. وأوضحت أن الانزلاق نحو التصعيد على المستوى السياسي على الاقل، قد تمت فرملته سريعاً وخصوصاً أنه تزامن مع انفلات الوضع الميداني في الشارع والذي نقلت صورته وسائل الاعلام المحلية والدولية، مما أدى الى قرع ناقوس الانذار في عواصم القرار الاقليمية والدولية، ودفع بالتالي الى تدخلات عاجلة من أجل تشجيع آليات العمل السياسية لتأليف الحكومة لان تشكيل الحكومة سيشكل محطة مفصلية في المشهد الداخلي الامني قبل المالي والاجتماعي والاقتصادي.