IMLebanon

بنيان «داعش».. الممانع!

 

تأخر التأكيد لكنّه وصل أخيراً. وفي ذلك خيرٌ من بقاء الصمت والكتمان وما يستدرجان من عطب الشك والتشكيك والقراءات المنسلّة من جذر «المؤامرة» ومشتقاتها!

 

ما تسرّب في الأسبوع الماضي نقلاً عن مطّلعين ثقات في شأن استمرار الاستثمار الإيراني – الأسدي – الروسي في «داعش» والسماح بتنقل عناصره المندحرة من الرقّة وسواها وبسلاحهم التام، في مناطق سيطرة ذلك المحور وصولاً إلى مناطق المعارضة، أكده بالأمس الجنرال البريطاني فيليكس غيدنيفي في مؤتمر صحافي عقده بإسم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد الإرهاب..

 

والجنرال لا يحكي في السياسة، ولا في الشعر! ولا يطلق اتهامات من دون سند وإثبات! بل هو في الواقع، يكشف على الملأ، ما سبق وأن أُبلغ سراً إلى «المعنيين» وفي مقدمهم الروس! وما وُضَع أمامهم من معطيات موثّقة بالصوت والصورة! وما يكفي في كل حال، لإدانة مدّعي محاربة الإرهاب بتهمة المتاجرة بذلك الإرهاب! والاستفادة من خدماته الجليلة! أو بالأحرى، الاستمرار في جني الثمار السكّرية لذلك الإرهاب وهو في الجزء الغالب منه نتاج صناعة مركّبة ومعقّدة في غُرف عمليات محور الممانعة، كما بيّنت سابقاً الوقائع والأدلّة (الكثيرة) وكما ثَبُتَ مجدداً بالأمس القريب! وكما تُثبت على الدوام القراءة القائلة، بأن «داعش» (تحديداً) لم يخدم طرفاً بقدر ما خَدَم مصنّعيه ومنتجيه و«أصحابه» الفعليين!

 

أكبر وأخطر أسلحة المحور المضاد لثورة السوريين كان «داعش» الذي تمكن من اختراق ثلاثة سدود عجزت كل الآلة التعبوية والأمنية والعسكرية والإعلامية والسياسية لذلك المحور عن اختراقها برغم كل الفظاعات التي ارتكبها: دخل كالسمّ في دسم المعارضة وجسمها. ولم يقاتل أحداً غيرها في بداياته! وتمكّن بآليات بطش استثنائية من السيطرة على بعض أبرز معاقلها، ثمّ تدميرها والتسبّب بخرابها تحت زعم الدفاع عنها!

 

ثانياً: تمكن بهمّة منظّمة وشديدة الدأب من تسويق العدم والعبث والإجرام في أشنع صوره، ونسب ذلك كله إلى الإسلام الأكثري!

 

ثالثاً: قدّم المساهمة الأبرز في إنضاج توليفة المقارنة بينه وبين بقايا السلطة الأسدية بما جعل المفاضلة تذهب باتجاه الركون إلى الشرّ الموجود تجنّباً للأشرّ منه!

 

.. ثم أن عنوانه الوظيفي كان ولا يزال كافياً لاستخدامه من قبل كل صاحب غرض في النزاع الدولي والإقليمي الذي رافق ويرافق النكبة السورية.. تارةً يُستخدم في شوارع أوروبا الغربية كردٍّ على موقف سياسي مزعج لهذه العاصمة أو تلك! وتارةً يستخدم لتوجيه «رسالة» دموية استباقية ضد هذه الحكومة أو تلك! وتارة يُستخدم لتبادل الرسائل بين العوالم السفلية للمنخرطين في نزاعات متصلة بسوريا وبغير سوريا. ودائماً يُستخدم للدلالة على كفاية التبريرات «الفقهية» للإرهاب في النصّ الإسلامي الأكثري! وبما يسمح بتوظيف ذلك في معارك بناء النفوذ وتحطيم «الأعداء» وتوسيع مَدَيات الأحزمة النارية وضمان نجاعتها في حماية دواخل «الامبراطورية» المشتهاة!

 

قيل في بدايات الحرب الفعلية التي انطلقت غداة وصول دونالد ترامب إلى «البيت الأبيض»، إنّ أبرز المتضرّرين من انتهاء «داعش» هم أهل المحور الذي صنّعه وغذّاه وراكم الإنجازات جرّاء ذلك، وكان القول في مكانه! سوى أنّ اللعبة (وأي لعبة!؟) وصلت إلى شوطها الأخير.. وصار في «إمكان» جنرال في التحالف الدولي أن يقول علناً، ما كان ممنوعاً أن يُقال سابقاً، خلال ولاية السيّئ الذكر باراك أوباما! وأن يكشف جهاراً نهاراً وبالأدلّة الحاسمة، أنّ «داعش» الأصلي ليس سوى فصيل مقاتل في أجهزة الممانعة الأسدية! وأنّ التمسّك بخدماته مستمر حتى آخر نفَس! وإنّ البناء الذي عُمِّرَ على أساس الزعم بالشراكة في «الحرب على الإرهاب» بدأ يتهاوى ويلحق بما سبقه من قيَم وأخلاق وشعارات وعناوين مزدوجة وخادعة وتعني كل شيء.. إلاّ معانيها اللغوية المباشرة!