IMLebanon

الصراع على حلب قد ينسف القرار 2254 الدول تواجه عدم التكافؤ الأميركي- الروسي

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إنه اقترح خطة ملموسة لحل الازمة السورية وعرضها على واشنطن، فيما يتوقع ان تبحث المجموعة الدولية لدعم سوريا التي تجتمع في ميونيخ اليوم في ما سبق للافروف أن أعلنه الاسبوع الماضي عن أن بلاده ستقدم اقتراحات لوقف النار في سوريا خلال هذا الاجتماع. ومن أبرز عناصرها أن إغلاق الحدود التركية – السورية لوقف الامدادات للجماعات المسلحة هو الشرط الاساسي لوقف النار في سوريا كما قال، فيما تمسك روسيا بسلاح تمكين قوات النظام والميليشيات الشيعية الداعمة له من حلب مجددا. تسعى روسيا وفق ما تكشف مصادر ديبلوماسية اولا الى اعادة تسليط الضوء على المسار السياسي للحرب السورية وتحييد الانظار عن موضوع المساعدات الانسانية واللاجئين الى الحدود التركية الذين تزايدت أعدادهم في الايام الاخيرة، وقد أحرجها الموقف الغربي المتزايد الذي يضع عليها ملامة إجهاض مفاوضات جنيف عبر بدء الحملة على حلب من حيث التوقيت بالتزامن مع انطلاق المفاوضات، كما يلقي عليها مسؤولية ارتفاع أعداد اللاجئين الذين هربوا من ريف حلب وجوارها. كذلك تسعى الى الإبقاء على استمرار المرونة في المواقف الاميركية من أجل أن تضغط واشنطن على حلفائها في المنطقة، فيما تصاعدت المواقف الاقليمية محذرة من تبعات إعادة تمكين النظام من حلب وتصاعدت الانتقادات للادارة الاميركية التي سلمت الى موسكو الوضع السوري.

يضاف الى ذلك أنه في المدة الفاصلة عن استئناف المفاوضات على الموضوع السوري في 25 من الجاري وفق ما هو مفترض بناء على التأجيل الذي أحدثه الموفد الدولي الى سوريا ستافان دو ميستورا لفشل المفاوضات في 29 كانون الثاني المنصرم، ثمة خلافات طرأت على تفسير القرار 2254. فالقرار الذي اتفق عليه بين الولايات المتحدة وروسيا واعتبر خريطة طريق لحل الازمة السورية، بحيث وافق عليه مجلس الأمن على هذا الاساس، اصطدم ولا يزال بتفسيرات مختلفة حول اطلاق النار والمساعدات الانسانية وما إذا كان يجب تقديم هذه المساعدات مسبقا، وفقا لما تشترطه المعارضة السورية، أو أن يكون جزءا من البحث على طاولة المفاوضات كما ترغب روسيا، انطلاقا من تأييدها الحصار والتجويع كجزء من الحرب التي يمارسها النظام ضد شعبه، وذلك على رغم اطلاع أعضاء مجلس الامن على ما صاره الوضع الانساني الكارثي في سوريا وتخطي عدد القتلى 300 الف سوري وفق ما بات عليه العدد وفق تقارير الامم المتحدة، فيما طرأ على الازمة تطوران بارزان على الاقل: الاول هو زيادة روسيا قصفها تمهيدا لمساعدة النظام في إعادة السيطرة على حلب، مما قذف بآلاف المهجرين الى الحدود مع تركيا على نحو يهدد نفوذها ومصالحها في سوريا. وتبرز بوضوح من خلال سعي لافروف الى ربط اطلاق النار باغلاق الحدود التركية – السورية ومحاولة إقناع الغرب بذلك في ظل اقتناع بأن الحدود التركية تشكل ممرا آمنا لتنظيم الدولة الاسلامية وتنقله من سوريا واليها، نقطة قوية تسعى سوريا الى كسبها محققة في الوقت نفسه انتصارا مهما للنظام في وجه خصومه، ليس داخل سوريا فحسب بل في وجه خصومه الاقليميين ايضا. ويبدو التوتر التركي- الروسي الاخير على خلفية إسقاط تركيا طائرة حربية روسية مجالا رحبا للانتقام الروسي من تركيا على هذا الصعيد. أما التطور الثاني فيتمثل في اعلان المملكة السعودية ومعها دولة الامارات الاستعداد للتدخل البري في سوريا من ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية، في خطوة استنفرت جهات ثلاثة هي روسيا وإيران والنظام السوري، وهذه جميعها فهمت هذا الاعلان في غير السياق الذي أعلن فيه، أي محاربة “داعش”. وفي هذه الحال كان يتعين على هذه الجهات الثلاث أن ترحب بالتدخل البري السعودي، وتاليا الاماراتي والبحريني، في ما لو صح أنها تعتقد بصدقية هذه الذريعة أو أنها لا تخشى فعلا أن تحرج بدخول العامل الخليجي على خط مواجهة “داعش”، فيكشف هزالة الذرائع التي ترفع في مواجهة “داعش”، في حين أن ما يجري على الارض مختلف في مواجهة المعارضة السورية والقضاء عليها. وتاليا، لم تعمد هذه الجهات الثلاث الى تلقف الاستعداد الخليجي، بل على العكس سخرت منه كل بطريقتها، أو وجهت تهديدات للحؤول دون حصوله، وقد فهمت تماما من هذا التدخل البري المحتمل انتقال الحرب من طابعها غير المباشر الى طابعها المباشر فعلا في الميدان السوري.

صراع المصالح وصل الى حدود خطيرة، مع سعي روسيا الى ضمان عودة حلب تحت سيطرة النظام، الامر الذي وضع على طاولة ميونيخ، الى اقتراحات روسيا بدء وقف النار عبر إقفال الحدود مع تركيا، العناصر المتصلة باستعدادات اقليمية خليجية او تركية للتدخل البري تحت عنوان محاربة “داعش”. فهناك تلاق مهم في المصالح بين السعودية وتركيا يسمح بالرهان على أن التدخل البري الذي أخذه النظام والدول الداعمة له على نحو جدي قد ينقل الوضع في سوريا الى مرحلة مختلفة تماما، بما يرجح أن يقفل الى أمد غير منظور النافذة التي فتحت في موضوع استئناف المفاوضات استنادا الى القرار 2254، ولعله يلغي القرار كليا.