Site icon IMLebanon

الأسعار زادت 14% خلال شهر وتخطّت 70% في 7 أشهر: «السلة المدعومة» تدعم التجار لا المستهلكين!

  

 

72,9 % هو معدّل ارتفاع الأسعار بين 17 تشرين الأول الماضي و29 أيار الماضي. هذه هي الخلاصة التي قدمتها، أمس، جمعية حماية المستهلك في إطار الجردة الجديدة لأسعار السلع الغذائية الأساسية التي تستهلكها العائلات بشكلٍ يومي. وهي جردة «update» لأخرى أجرتها الجمعية قبل نحو شهرٍ، وبلغت نسبة ارتفاع الأسعار فيها نحو 59%.

 

جردة الحساب الجديدة للشهر الماضي (ابتداء من 31 آذار وحتى 29 أيار) خرجت بالخلاصة الآتية: زادت نسبة أسعار السلع الغذائية الأساسية بنسبة 13,66%. وشملت هذه الزيادة أسعار المعلبات والزيوت والحبوب (22%) والألبان والأجبان (17%) والفاكهة (11%) واللحوم (10%) والمواد المنزلية والشخصية (24%). ووصل عدد الأصناف التي خضعت للزيادة إلى 145 صنفاً، في غالبيتها مواد أساسية في حياة المستهلكين.

لم يعد ما يحدث في مؤشر الأسعار استثناء، وما قد تفعله الجردة الجديدة هو مجرّد تعديلٍ للأرقام «الطالعة» يوماً بعد آخر. تلك الأرقام التي لم تعد تستفزّ أحداً. مع ذلك، تفتح مجدداً النقاش حول جدوى دور وزارة الاقتصاد والتجارة، وخصوصاً في غمرة الحديث عن السلة الغذائية المدعومة التي أعلنت عنها أخيراً. والنقاش هنا يفتح من باب الآلية التي اعتمدتها الوزارة لخفض أسعار السلع المشمولة بالدعم والوصول إلى المستهلكين من الفقراء الذين بات عددهم يناهز الـ50% من اللبنانيين، إذ أن السلة التي تدعمها الوزارة هي نفسها التي تتغير أسعارها من يومٍ الى آخر. وفي رأي رئيس جمعية حماية المستهلك، زهير برو، الأولى هنا هو دعم الوزارة المباشر لتلك السلع بدل دعمها عبر التجار. وثمة سبل «طويلة عريضة» للدعم المباشر، لا تجبر فيه الدولة على المرور بمصفاة التجار واستنزاف الدولارات الشحيحة أصلاً، أحد هذه السبل، في رأي برو، هو «الدعم المباشر للفقراء من خلال إعطائهم قسائم شرائية شهرية بالمواد الغذائية الأساسية». أهمية الدعم المباشر لا تتأتّى فقط من كونه يستهدف الفقير، بل أيضاً لأنه «يقطع الطريق على الجشع الذي سيمارسه التجار، وخصوصاً أن ما تطرحه وزارة الاقتصاد يؤدي إلى تعزيز الاحتكارات ويراكم ربح التجار من دون أن يضمن وصول المواد إلى المستحقّين».

 

السلة التي تدعمها الوزارة هي نفسها التي تتغيّر أسعارها بين يوم وآخر

 

 

من هنا، يرى برو أن ما فعلته الوزارة بآليتها تلك أنها «أضاعت البوصلة»، إذ انطلقت من مسلمة خاطئة تعتبر أن سبب ارتفاع الأسعار هو التغيّر في سعر الصرف. لكنها مسلّمة لا أساس لها من الصحة «بدليل أنه خلال عشر سنوات (بين 2005 و2015) ارتفعت الأسعار بنسبة 120% بينما كان سعر الدولار ثابتاً». السبب هو «سيطرة الاحتكارات على معظم القطاعات الاقتصادية»، وهو ما تحاول تثبيته في سلة الدعم الجديدة.

ثاني المآخذ على الخطأ الوزاري هو الآلية نفسها التي تفتح الباب على جملة تساؤلات لم تتكلف الوزارة عناء الإجابة عنها أو أنها تجاهلتها. فمثلاً، على أية أسس ستختار الوزارة هذا الصنف المستورد أو ذاك؟ كيف ستراقب توزيع السلع من قبل المستوردين وتجار الجملة والمتاجر الصغيرة، وهي الحلقة التي تضم مئات المتاجر والمخازن؟ وكيف ستضمن وصول السلع إلى كل مستحقيها؟ وألا تخضع هي الأخرى للاحتكار؟ وكيف سيجري التمييز بين الصنف المدعوم وغير المدعوم على الرفّ نفسه؟

الأسئلة تطول حول آلية صيغت بـ«عفشيكية» واضحة، على ما يشير المعنيون. والأنكى من ذلك أنها تأتي لتعيد التذكير «بتجارب دعم سابقة اعتمدها وزراء سابقون أدت إلى دعم التجار لا الفقراء»، يقول برو. والأمثلة كثيرة هنا، ليس أقلها فجاجة سوى دعم الطحين والخبز الذي استفاد منه كبار مستوردي القمح والمطاحن الكبرى والأفران.

 

من ملف : 50 إصابة بـ«كورونا»: عشوائية الاجلاء وغياب التنسيق