قفز الأمن الى واجهة الأحداث اللبنانية نهاية الأسبوع الفائت، من دون مقدمات، وحققت الأجهزة الرسمية، المغطاة سياسيا، نجاحين، في آن معا، الأول منقوص، والآخر تام.
تحرير المواطن المخطوف سعد ريشا يقع في خانة النجاحات المنقوصة، وعنوان نقصانه بقاء خاطفيه المعروفين حلا ونسبا، أحرارا طلقاء حتى اللحظة…
أما النجاح التام فذاك الذي تمثل باحباط العملية الانتحارية، التي كان عمر العاصي الداعشي، بحسب ما نسب اليه من اعترافات، بصدد تنفيذها داخل مقهى الكوستا في شارع الحمراء.
وعصب نجاح هذه العملية الاستباقية كان التعاون التام بين مخابرات الجيش ومعلومات قوى الأمن الداخلي، هذه السابقة، يتعين أن تصبح دائمة لأن أرجل الجميع بالقلق، وما من فريق أو مجموعة بمنجى من ارتدادات ما يجري في جوارنا السوري، خصوصا، في هذه المرحلة، مرحلة التسويات الدولية والتوافقات الاقليمية، المتصادفة مع الانتقال اللبناني، من مرحلة الفراغ الرئاسي، والحكومي، الى مرحلة التجدد الرئاسي والحكومي، والتشريعي أيضا.
وهذه المرحلة اللبنانية قد تكون الأصعب، في ضوء استعصاء تفاهم القوى السياسية على قانون انتخابات جديد، يخرجهم من كنف قانون الستين العصيّ على الزمن.
والسؤال الواجب طرحه على الدائرين في دوّامة الأكثري والنسبي والمختلط، الى ما هنالك من صيغ انتخابية وابتكارات، هو: ماذا كان يمكن ان يحلّ بالانتخابات النيابية، لو نجح الداعشي الموهوم في تفجير نفسه داخل المقهى المكتظ بالساهرين، لا سمح الله؟
لا ضرورة للاجابة، أو لانتظار الاجابة، فالوقائع الحاصلة من حولنا، تغنينا عن الجواب، وبالتالي لا بد من ان تدفع بالقيّمين على بلدنا، الى ان يكسروا آلة الكلكيلتر الحاسبة، ويتجاوزوا، استثنائيا ولمرة واحدة، كما كان يضاف الى بعض القوانين الظرفية أنانياتهم الذاتية، ويتوافقوا على قانون انتخاب، قد لا يرضي مصالحهم، انما يراعي خواطرهم، كما يقول الوزير السابق مروان شربل، وليمرروا هذا الاستحقاق الوطني، بأقل المخاطر والمجازفات.
مثل هذه التأملات، ينتظر ان تتبلور على صورة نداء يصدر عن قمة روحية اقترحها البطريرك بشارة الراعي، ويرتقب انعقادها في دار الفتوى، نهاية هذا الشهر، وتتضمن تجديد دعم رؤساء الطوائف والمذاهب للعهد الجديد ولحراكه العربي، كما لحكومة استعادة الثقة مع التأكيد على أهمية اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، والالتزام بالأنظمة والقوانين المرعية الاجراء… بعد التوافق على أي قانون يحظى باجماع اللبنانيين.
لكن أي وقت باق ليسمح باشتراع قانون انتخابي يحظى بهذا الاجماع، ونحن في غمرة المهلة الانتخابية المتآكلة؟
واقع الحلّ، كل المؤشرات توحي بأننا عائدون الى قانون الستين، مجمّلا ببعض التقسيمات الدوائرية… إذ يبدو ان هذا القانون المزمن، كالعادة السيّئة، يصعب التخلّص منه…