IMLebanon

أكثر من ١٢ ألف جنوبي في قضاء زغرتا

نقص في أدوية الأمراض المستعصية الإنسولين وحليب الأطفال واللقاحات أطباء: مساعدات ضخمة تصل إلى وزارة الصحة لا نلمس منها شيئًا على الأرض 
مع بدء توسع العدوان الصهيوني المباغت في الأسبوع الأخير من أيلول المنصرم، خرج آلاف الجنوبيين تحت نيران القصف من بيوتهم، أمضوا ساعات طويلة على الطرقات، امتدت حتى فجر اليوم التالي من العدوان الهمجي، خفّف من قسوتها، مشاهد التآزر الوطني خاصة عند أبواب عاصمة الجنوب صيدا، التي قدّم أهلها ببسالة ومحبة عارمة، الطعام والمياه والمساعدات اللوجستية لإخوتهم الجنوبيين.

إلى ذلك، لم يسلم العابرون، من غارات صهيونية غاشمة، طالت العديد منهم، فسقط شهداء وجرحى، ومن استطاع النجاة، أكمل، وكانت وجهة معظمهم نحو الشمال اللبناني.

ورغم ضبابية مشهد النزوح المؤلم، ومعاناة النازحين، مع التحفظ على هذه العبارة القاسية على أهل البلاد، هناك مشاهد محبّة وتضامن والتحام وطني شهدتها بعض أقضية لبنان، التي استضافت أعدادا كبيرة من أهل الجنوب، ومنها قضاء زغرتا.

إلى ذلك، يقدّر عدد الجنوبيين، الذي قصدوا زغرتا، بأكثر من ١٢ ألف شخص، موزعين بين مراكز الإيواء (٣٥٠٠ شخص) وبين البيوت، وبطبيعة الحال تتعدّد الخدمات المقدّمة إليهم، ومنها الخدمات الطبية، والتي تعتبر أساسية، لا سيّما في أماكن مكتظة، وخصوصا لأصحاب الأمراض المزمنة والمستعصية، وكذلك للأطفال.

وحول الواقع الصحي للأهالي، أوضح مسؤول قطاع الأطباء في “تيار المردة” والمسؤول الصحي لخليّة الأزمة، الدكتور إيلي فرنجية، لـ”الديار”، أنٍ تيار المردة، وضع منذ بداية الأزمة خطة صحية، في حال توسع الحرب على لبنان، أو حصول نزوح وتهجير، تضمّنت إنشاء عيادة في كل مركز إيواء وفي كلّ مدرسة، يوجد فيها الحد الأدنى من المتطلبات من أدوية، ومعاينات يومية من خلال أطباء وممرضين متواجدين في هذه العيادات، ومن ضمن الخطة وضع “مستوصف جيهان فرنجية” وهو مركز رعاية أولية تابع لوزارة الصحة العامة في الخدمة، وهو يتوسط كلّ مراكز الإيواء، ويستقبل “إخوتنا الجنوبيين”، كما يتّم تقديم معاينات طبية مجانية من قبل أطباء التيار، من جميع الإختصاصات: الطب النسائي، الصحة العامة، أمراض الغدد الصماء والسكري، أمراض القلب والشرايين وغيرها، وتقديم الدواء مجانا للجميع بالقدر المستطاع، مع الحرص على أن تكون وصفة الأطباء من ضمن الأدوية المتوفرة في تلك المراكز.، كما تجرى فحوصات شبه مجانية عبر المستشفيات وتيار المردة.

أمّا فيما خصّ الحالات الطارئة ودخول المستشفى، لفت فرنجية، إلى تعاون كبير جدا من قبل المستشفيات في تلك المنطقة، تحديدا مستشفى سيّدة زغرتا الجامعي، مستشفى الشمال الإستشفائي، ومستشفى إهدن الحكومي، وأضاف أنّ التيار يسعى لتغطية الحالات الطارئة بأقل كلفة ممكنة، أو بكلفة شبه مجانية لكلّ شخص يحتاج دخول طوارئ، أمّا عن دخول المستشفى، فذلك يحصل على عاتق وزارة الصحة وفرقها، إضافة إلى المساعدة في المستشفيات، عبر تخفيض الأسعار، وذلك يتّم بمساعدة التيار أيضا.

وحول ما إذا كان هناك حالات، تصعب متابعتها في هذه الظروف الإستثنائية، نفى فرنجية، وجود مثل هذه الحالات، وذلك نظرا للمساعدة التي تقدّمها المستشفيات في هذا الموضوع، من خلال أطباء وأختصاصيين كفوئين، باستثناء موضوع التأخير في تسليم مرضى السرطان أدويتهم وتلقيهم علاجاتهم، والذي يحصل بالتعاون مع وزارة الصحة العامة.

مخاوف من انتشار الأمراض

بطبيعة الحال، يشكّل الإكتظاظ بيئة خصبة لانتشار الأمراض والأوبئة، وفيما يخص الأمراض التي يُتخوف من انتشارها بين الأهالي، ذكر فرنجية أنّ بعض الأهالي عانوا من الإسهال والتقيؤ، بسبب انتشار العدوى، من خلال استخدام الحمامات المشتركة بين المرضى والأصحاء، ما أدّى إلى انتشار الجراثيم، أو ربما بسبب تغيير نوعية المياه المستعملة، علاوة على احتمالية انتشار أمراض موسمية حالية في فصل الخريف ومع بداية فصل الشتاء، مثل الرشح، وكوفيد ١٩، وغيرها.

أين الدولة؟

أشار فرنجية إلى أنّ تيار المردة في قضاء زغرتا، وزغرتا يتحمّل الجزء الأكبر من هذه المسؤولية، واردف: و”هذا واجبنا”، باستثناء منظمتين: منظمة “فرسان مالطا” و”كاريتاس”، اللتين تقدمان أدوية وأطباء، وأشار إلى أنّ هناك مساعدات ضخمة تصل إلى الدولة، وخاصة وزارة الصحة العامة، لكن لا نلمس شيئا منها على الأرض، كما أنّه لدينا احتياجات كبيرة جدا في مناطقنا، من ناحية الدواء، لا سيّما إن طالت الأزمة، كما لفت إلى أنّ هناك مستشفيات تؤمن تقديمات صحية مجانية، ويفترض على وازرة الصحة أن تخصص لها جزءا من المساعدات التي تصلها.

إلى جانب المعاينات الطبية والفحوصات، يشكل الدواء الركيزة الأساس في عملية الرعاية الصحية، في ظلّ تخوف كبير من النقص الحاد أو الإنقطاع في زمن الحرب تحديدا، وبالنسبة إلى الوضع الميداني والأمراض خاصة، لفت مسوول قطاع الصيدلة في تيار المردة ومستشار نقيب الصيادلة وعضو في خلية الازمة في زغرتا، الدكتور حليم طيّون، إلى أنّ التيار قام باستطلاع للأهالي في مراكز الإيواء حول نسبة الأمراض المستعصية والمزمنة، بين كبار وصغار، وبناء على ذلك، طلبنا مساعدة بعض الجمعيات الخيرية لتزويدنا بالأدوية التي نحتاجها، وحصلنا على جزء منها، وتم صرف نحو ٤٧٠٠ دواء للمرضى، كما تطرٍق إلى الأمراض الشتوية مع اقتراب فصل البرد، مثل الانفلونزا والكريب والفيروسات التي تتفاعل وتصيب الجهاز التنفسي، مشيرا إلى أنّ التيار سيقوم بخطة استباقية لنشر الوعي بين الأهالي، كآليات: غسيل اليدين باستمرار، التباعد الإجتماعي، وكذلك سنسعى لتأمين كمية من البخاخات الخاصة بالربو والالتهابات الرئوية لأننا نعاني من نقص فيها.

الأدوية المفقودة

بالنسبة للأدوية المتوفرة، تشمل وفق طيّون، أدوية السكري على أنواعها، ما عدا الأنسولين، أدوية الكوليسترول، بعض مخفضات الحرارة، المسكنات، والمضادات الحيوية، ولفت إلى أنّ هناك نقصا في أدوية الضغط، وأن أدوية الأمراض المزمنة الأخرى و المستعصية مفقودة، وأضاف بالنسبة للأطفال، أنّ هناك حاجة إلى اللقاحات، والحليب خاصة لمن هم ما دون عمر السنة.

أمّا المطالب من الدولة و المنظمات الدولبة، تتمثّل وفق طيّون بتأمين كل يوجد نقص فيه، من لقاحات، حليب الأطفال، الأدوية المستعصية والأنسولين لمرضى السكري، مؤكدا على جهوزية التيار لتزويد المعنيين بكل المعلومات حول المرضى، “ماذا تأمن لهم وماذا ينقصهم”، مشددا على ضرورة تأمين احتياجات الأهالي -“والذين نعتبرهم ضيوفنا وكلمة نازح لا تليق بهم ابدا لأنهم في بلادهم وبيوتهم وبين اهلهم”- والدعم الكامل من ناحية تأمين أدوبتهم ومستلزماتهم الطبية، وهذا من واجبات الدولة متمنيا عليها ان تلبي كل هذه المطالب بأسرع وقت ممكن.

خلاصة القول… هناك من يقاوم على الجبهة العسكرية، لتحقيق الإنتصار على المحتل الغاصب، فيما هناك من يقاوم باحتضان الأهالي الجنوبيين والبقاعيين ورعايتهم اجتماعيا وصحيا، وفيما خص الأخيرة، يتصدى أطباء وصيادلة وإختصاصيون كثر في هذه الجيهة، ولكن لا يزال الأمر منوطا بأفراد وجمعيات محدودة جدا، وأحزاب وتيارات وطنية، ابرزها شمالا تيار المردة، وهنا نسأل: أين الدولة من رعاية مناطق الأطراف وضيوفها صحيا واجتماعيا؟ ألا يستدعي الأمر تحركا سريعا وفوريا؟ والأهم: أين أطنان المساعدات الطبية التي وصلت إلى لبنان، وهل سيكون توزيعها عادلا مناطقيا؟