Site icon IMLebanon

المرجلة على ربنا

 

اعتدنا في زمن التردي أن يكون عندنا، في لبنان بضعة أسعار للدولار الأميركي، (خمسة أسعار على الأقل، كلها متحرّك باستثناء السعر الذي يستفيد منه، جزئياً، أصحاب الودائع فهو الثابت الوحيد).

 

واعتدنا أن ندفع فاتورتين للمياه على الأقل إحداهما لـ «الدولة» والثانية لأصحاب الصهاريج.

 

كما تعايشنا مع فاتورتين، على الأقل أيضاً، إحداهما لـ «الدولة» (كهرباء لبنان) والثانية لمافيا المولّدات.

 

والآن صار عندنا توقيتان زمانيان في الحين ذاته، التوقيت الذي حدّده رئيس الحكومة بمذكرة سابقة بتقديم الساعةِ ساعةً على قاعدة التوقيت الصيفي، والتوقيت الثاني الذي حدّده الرئيس نبيه بري وعُمِّم بالصوت والصورة من عين التينة والتزم الرئيس نجيب ميقاتي الأخذ به بمذكرة ثانية تجمّد مفعول مذكرته الأولى. فالإدارات والدوائر الرسمية وسائر متفرعات القطاع العام ستعمل وفق مندرجات المذكرة الثانية، أمّا القطاع الخاص فسيعمل بتوقيتٍ على مضمون المذكرة الأولى لا سيما شركات الطيران، وكذلك تنفيذ العقود المبرَمة بين لبنانيين منذ أمدٍ مع الخارج الذي لن يعيد برمجة التزاماته تجاهنا عملاً بقرارٍ دار ويدور حوله أخذ وردّ طويلان.

 

وفي تقديرنا أنه كان الأكرم أن يرافقَ هكذا قراراً تعليلٌ وأسبابٌ موجبةٌ. وإن كنا، على صعيد شخصي، ليس لنا موقف منه.

 

وبين قرار وآخر أود أن أطلع القارئ على قرار مرتبط بتقديم الساعة وبتأخيرها تاركاً له أن يقابل بين الواقعتين:

 

ذات زمن، في عهد الرئيس المرحوم الياس سركيس أدرك وقتٌ داهمٌ مجلسَ الوزراء الذي كان يناقش مسألةً على قدر كبير من الأهمية ، وكان أنّ ثمة قراراً مفروضٌ بته قبل منتصف الليل، وعندما انتهى المجلس من إنجاز ذلك الملف كانت الساعة قد دقّت الثانية عشرة، أي انتهى الوقت ودخلنا في سقوط المهلة، ونظراً للضرورة القصوى ولأن أهل الحكم في ذلك الحين كانوا يحترمون الناس والوقت وأنفسهم، رفض الرئيس سركيس إقرار الملف، ولو بعد دقيقتين من مرور الوقت، فتفتّقت الأفكار عن حلٍّ فتقرر تأخير الساعة ربعَ ساعةٍ، وتمّ التوقيع على المرسوم ذي الصلة، ثم أُصدِرت، على الفور، مذكرة العودة عن تأخير الزمن…

 

ولأن مسألة الزمان والمكان هي «حاجة بتاعة ربّنا» كما يقول إخواننا المصريون، فقد كان الصحافي الكبير المرحوم رشدي المعلوف يكتب ويقول إن للجميع في لبنان ظهراً يحميهم إلّا الرب، فالدولة عندنا تعطّل في جميع الأعياد إلا في عيد الرب، وتتمرجل على الساعة فتقلب الزمن الذي هو نظام ربّاني، وتقف (أي الدولة) عاجزة أمام الآخرين.