ترتدي الأجواء المحيطة بالحركة السياسية التي تشهدها كواليس دار الفتوى، طابعاً يتجاوز البحث في قرار المشاركة بالإنتخابات النيابية المقبلة، إلى عملية مراجعة شاملة بهدف ترتيب الوضع الداخلي، وفق ما تؤكد مصادر نيابية بيروتية، إذ أن هذه المشاركة، هي بمثابة عنوان من العناوين التي تُبحث في الآونة الأخيرة من قبل مرجعيات دينية وسياسية، في ضوء ارتدادات القرار الأخير للرئيس سعد الحريري بمقاطعة هذه الإنتخابات، خصوصاً وان النقاش الدائر حالياً يركز على أن العزوف عن ترشيح شخصيات من “تيارالمستقبل” أو لوائح برئاسة التيار، لا يعني بالضرورة العزوف عن الإقتراع، وبالتالي المشاركة ربما بشكلٍ أوسع من حيث نسبة الإقتراع من جهة، وتحديد الخيارات والتوجهات الإنتخابية للقواعد الحزبية أو المناصرين للتيار الأزرق من جهةٍ أخرى.
وعليه تكشف هذه المصادر، أن الأيام القليلة المقبلة، سوف تشهد خطوات عملية متصلة بالإستحقاق الإنتخابي، من خلال استكمال نواب من كتلة “المستقبل” أو القريبين من الحريري ولكن من غير المنتمين إلى التيار، مشوارهم الإنتخابي، والإعلان عن خوض غمار الإستحقاق المقبل، ومن دون أن تكون لهذه العملية أية انعكاسات سلبية على واقع ومناخ وتوجه الحريري بالمقاطعة التامة للإنتخابات، سواء من قبل عائلته أو من قبل تياره، وذلك ترشيحاً فقط وليس اقتراعاً.
وإذا كان من المبكر الدخول في أي تصور لما سيؤول إليه المشهد المقبل على هذا الصعيد، فإن المصادر النيابية نفسها، تتحدث عن روزنامة خاصة سياسية وانتخابية، تُبحث من خلال المشاورات واللقاءات التي تحصل يومياً في دار الفتوى، وتبقى تفاصيلها بعيدة عن الأضواء، علماً أنها تتمحور حول مقاربة المرحلة الجديدة التي ستواجهها الطائفة بعد اعتكاف الحريري، وبالتالي، فإن العنوان أو الهدف الأول في هذه الروزنامة، هو عدم السماح بأي فراغ سواء على الصعيد السياسي أو على الصعيد النيابي تحديداً، والوقوف في وجه غياب المشاركة في القرار الداخلي على كل المستويات، خصوصاً وأن قرار الحريري هو مؤقت وفق إعلانه الأخير بتعليق المشاركة في الحياة السياسية لفترة زمنية غير محددة، ومن دون أن تتضح أية عناصر مرتبطة بأسباب التعليق أو الأسباب التي قد تدفع نحو إنهائه.
والثابت في هذا الإطار، كما تضيف المصادر النيابية الييروتية، أن المقاربة الشاملة والنهائية لخطوة الحريري لم تكتمل بعد، وأن المراجع الدينية، كما الحكومية السابقة والحالية والنواب “المستقبليين” كما المسؤولين في التيار الأزرق يشاركون في إعدادها، وبالتالي فإن الخطوط العريضة لها، لن تبدأ بالظهور قبل الرابع عشر من الجاري، وتحديداً ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، حيث ستكون مواقف بارزة من حيث الدلالة على طبيعة المرحلة المقبلة، على المستويين السياسي كما الإنتخابي.
وعليه، فإن واقع عدم انقشاع المشهد الفعلي على الساحة السنّية، سيدوم لبعض الوقت، كما تكشف المصادر نفسها، بنتيجة التوجه نحو التريث وبشكلٍ خاص من قبل دار الفتوى، حتى بلوغ موعد 14 شباط الذي سيكون محطةً بالغة الأهمية، في إطار تحديد الموقف النهائي للمرشحين والناخبين المناصرين لـ “تيار المستقبل” والرئيس الحريري.