يراقب النواب السنّة أداء الرئيس نجيب ميقاتي ومواقفه بشأن تشكيل الحكومة. صحيح أن هؤلاء لا يرفعون سقوف آمالهم إلى حد التأليف الذي يصفونه بأنه أشبه بالمهمّة المستحيلة. لكن بعضهم لا يكلّ عن المطالبة، جهراً أو من تحت الطاولة، بحصته الوزارية. محاولات إنشاء الكتل السنية، التي باء معظمها بالفشل، كان الهدف منها أصلاً الاحتفاظ بحق التوزير.
ومع ذلك، يبدو أن معظم هؤلاء مطمئنون الى أنّ ميقاتي يحسب خطواته في الملف الحكومي جيّداً. فهو لا يريد أن يضيف إلى قائمة خصومه اسماً واحداً. وتكفيه أصلاً المعركة المفتوحة مع التيار الوطني الحر. ولذلك، يدوّر الزوايا كي لا يحمّل نفسه تبعات الوعود واستباق الشياطين التي تكمن في التفاصيل، إذ إنه يفضّل تشكيلة حكومية من 18 وزيراً (في حال شكّل الحكومة)، ما يسهّل عليه المهمّة باختيار 4 سنّة، كما ستعفيه من الإحراج الدرزي باكتفاء رئيس الحكومة بوزير درزي واحد سيكون من حصة اللقاء الديموقراطي.
وسيعتمد ميقاتي التوزيع المناطقي كاستراتيجية في توزيع الحصص السنيّة على قاعدة حصول العاصمة بيروت على وزير، وثانٍ للبقاع الغربي، وثالث لطرابلس ورابع لعكار. ولأن ميقاتي لن يفتح أبواباً مغلقة عليه، يردّد في مجالسه أن «الاستشارات السنية المُلزمة» ستكون مع الرئيس سعد الحريري في شأن الأسماء والحقائب، ولا سيما وزير بيروت. ولا يستبعد من يعرفون ميقاتي أنه سيقفل الخط مع الحريري ليجري اتصالاً آخر بالرئيس فؤاد السنيورة ومفتي الجمهوريّة اللبنانيّة ليخرج باسمٍ لا يُغضب أحداً. وإذا كان البعض يستند إلى كلام النائب نبيل بدر وتلقّيه وعداً من ميقاتي بإمكانية توزيره على قاعدة أنه سمّاه خلال الاستشارات النيابيّة، فإن المتابعين يستبعدون هذا الأمر وخصوصاً أن العلاقة بين بدر والحريري ليست في أفضل الأحوال، وبالتالي لن يبيعها ميقاتي لبدر على حساب الحريري وغيره من رؤساء الحكومات السابقين.
أما بشأن البقاع الغربي، فإن الاسم يبدو جاهزاً: وزير البيئة الحالي ناصر ياسين، الذي تربطه علاقات جيّدة مع كل الأطراف: تيار المستقبل والنائب حسن مراد وحتى «التغييريّين». في حين أن الوضع مغاير في طرابلس التي سيكون لميقاتي حصة الأسد فيها، وهو ما ينطبق أيضاً على عكّار، وإن كانت التسمية ستكون علناً باسم اللقاء النيابي الشمالي، وسراً بشخصية يكون رئيس الحكومة قد حضّر اسمها سلفاً ورماه في أحضان الكتلة.
أما إذا كان ميقاتي سيعمد إلى إدخال بعض التعديلات في أسماء الوزراء الحاليين، فإنّ البعض يشير إلى أن الجميع يتفق على سوء أداء وزير الصحة فراس الأبيض الذي صدم الجميع. فيما ميقاتي يرى أن لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أسهماً في الوزيرين بسام المولوي وأمين سلام. وتغييرهما يعني فتح معركة مع باسيل، فيما الإبقاء عليهما يعني أن ميقاتي يرسي الهدنة مع العونيين.
وفي كل الأحوال، يعرف النواب السنّة أن التوزير في «أيدٍ أمينة» إذ إن ميقاتي لن يستأثر بالقرار وحده. لكنهم في الوقت عينه يدركون أن هذه المطالبة هي أشبه بـ«معارك دونكيشوتية» لا تسمن ولا تغني من جوع، على اعتبار أن المتفق عليه عند الجميع أن لا حكومة.