IMLebanon

بقاء عون وفرنجية مرشَّحين للرئاسة يُعطي الحجة لحزب الله لاستمرار تعطيل الإنتخابات

معركة تحديد أحجام الزعامات المارونية تنفجر بين فرنجية وباسيل على طاولة الحوار الوطني

بقاء عون وفرنجية مرشَّحين للرئاسة يُعطي الحجة لحزب الله لاستمرار تعطيل الإنتخابات

إستغلال انعقاد طاولة الحوار والسجالات التي تخللتها بين النائب فرنجية والوزير باسيل لإظهار حجم الزعامة المسيحية لكلٍ منهما

تفاقم الخلافات التي تجددت بالأمس بين زعيم «تيار المردة» النائب سليمان فرنجية ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل على طاولة الحوار لم تكن مستغربة، بل كانت متوقعة مع احتدام معركة رئاسة الجمهورية، وستزداد حدة في حال استمر فرنجية مرشحاً للرئاسة في مواجهة رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب ميشال عون، ما لم ينسحب أحدهما للآخر بفعل وساطة أو ضغوطات يمارسها «حزب الله» في المرحلة المقبلة، وهو أمر ليس مستبعداً لإبقاء الرئاسة المقبلة  تحت هيمنة الحزب ومنعاً لوصول شخصية من خارج تحالف قوى الثامن من آذار سابقاً.

ولكن حتى الساعة ما يزال الحزب يتريّث في التدخل بفاعلية لإقناع أحد المرشحين بالانسحاب من السباق الرئاسي لصالح المرشح الآخر، ويكتفي بإعطاء النائب ميشال عون جرعات دعم متواصلة في المواقف والمناسبات المختلفة، مع إبقاء الجسور مفتوحة مع النائب فرنجية، ربما لأن موعد إجراء الانتخابات الرئاسية حسب الساعة الإيرانية لم يحن بعد، مع استمرار التحضيرات الجارية لإنضاج مساعي تسوية الأزمة السورية بين الدول العظمى وتحديداً الولايات المتحدة  الأميركية وروسيا والغرب عموماً مع دول الجوار وتحديداً تركيا والمملكة العربية السعودية.

ولذلك، يؤشر تفاقم الخلافات بين النائب فرنجية والوزير باسيل إلى توجس من حركة الاتصالات الجارية بعيداً من الإعلام لتذليل العقبات التي تعترض انتخابات رئاسة الجمهورية والخشية من أن تحقق هذه الحركة تقدّماً لصالح هذا المرشح وعلى حساب المرشح الآخر في حال تلاقت مصالح الأطراف الداخليين مع مصالح الدول المؤثّرة.

ولا شك ان استغلال مناسبة انعقاد طاولة الحوار الوطني والسجالات التي تخللتها بين النائب فرنجية والوزير باسيل كانت بامتياز لإظهار حجم الزعامة المسيحية لكل منهما وإن كانت العناوين والقضايا المطروحة محور هذه السجالات وواجهتها الخارجية. وما قاله النائب فرنجية خلال الجلسة وبعدها يُعبّر بوضوح عن هذا الواقع وأبعاده وتأثيراته في المنافسة القائمة بين الطرفين للوصول إلى سدة الرئاسة الأولى.

وبالرغم من ان تفاعل الخلافات بين الزعامات المسيحية المارونية وتحديداً بين زعيم تيّار «المردة» النائب سليمان فرنجية والنائب ميشال عون من خلال الوزير باسيل حالياً، سيزيد من التعقيدات والصعوبات امام انتخابات الرئاسة من جهة، ولكنه أيضاً يعطي حجة إضافية لحزب الله للامعان في تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية والاستمرار في ترهيب النواب ومنعهم من التوجه إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس للجمهورية كما فعل منذ بدء جلسات الانتخاب وحتى آخر جلسة لأنه لم يجهز بعد لتسهيل اجراء هذه الانتخابات ويحاول إلصاق تهمة التعطيل بخصومه السياسيين وتحديداً «تيار المستقبل» خلافاً للواقع من جهة ثانية، ويسعى باستمرار لتضليل الرأي العام عن نواياه الحقيقية الهادفة إلى استغلال التباينات السياسية الحاصلة لإطالة أمد الفراغ الرئاسي قدر الإمكان وتقطيع مزيد من الوقت الضائع لإبقاء لبنان بلا رئيس للجمهورية حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في مسار تسوية الأزمة السورية ومقايضاتها على حساب الوضع اللبناني.

وكلما استمر «حزب الله» وحليفه «التيار العوني» بربط مسألة اجراء الانتخابات الرئاسية بمصير المقايضات الإيرانية المرتقبة على أنقاض الدولة السورية ودماء شعبها، وعدم نجاح الجهود المحلية المبذولة لفك هذا الارتباط القائم بالأزمة السورية ولو بنسب معقولة، فلا يبدو في الأفق ما يُشير إلى قرب حلحلة الأزمة السياسية التي تعصف بلبنان جرّاء استمرار تعطيل الانتخابات الرئاسية، وهذا بالطبع سيؤدي إلى زيادة المناكفات وتأجيج الوضع السياسي وتحديداً بين المرشحين للرئاسة الأولى وإلى تداعيات سلبية على واقع الدولة والمؤسسات الدستورية وتعميم مزيد من الفوضى والاهتراء في الإدارات العامة على اختلافها وإلحاق الضرر بالدورة الاقتصادية والمستوى المعيشي للبنانيين عموماً.

وانطلاقاً من الواقع القائم واستمرار العجز في اجراء الانتخابات الرئاسية والمباشرة بتخليص لبنان جزئياً من تداعيات الأزمة السورية وتأثيراتها، سيبقى لبنان في حالة انعدام وزن وبلبلة على مختلف المستويات، وسيخسر اللبنانيون مزيداً من الفرص للخروج من المأزق السياسي والمباشرة بحل الأزمات الاقتصادية والمعيشية والنهوض بالبلد نحو الأفضل.