IMLebanon

بقاء الأسد يقابله رئيس تسوية للبنان ورحيله يقابله رئيس موالٍ لإيران

يمكن القول إن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله فسَّر بكلمته في احتفال “هيئة دعم المقاومة الإسلامية” قول نائبه الشيخ نعيم قاسم عن أن الأزمة الرئاسيّة طويلة لأن جزءاً منها، بحسب نصرالله، في السعودية وجزءاً آخر في مكان في لبنان وينبغي لحل هذه الأزمة التوجّه نحوهما.

إن قوله هذا يعني أن على السعودية و”تيار المستقبل” تأييد العماد ميشال عون للرئاسة، أو أن يبحثا عن حل للأزمة وإلا تحمّلا مسؤولية استمرارها. إلاّ أن المسؤولية الحقيقية تقع على إيران التي لا تريد انتخاب رئيس للبنان قبل أن تقبض ثمن انتخابه في سوريا، وإلاّ لكانت أوعزت الى “حزب الله” ومن معه بالنزول الى مجلس النواب وانتخاب أحد المرشحَين عون أو النائب سليمان فرنجية، وكلاهما من خطّها السياسي. لكن إيران تريد أن تجعل من انتخاب رئيس للبنان ورقة ضغط وابتزاز للحصول على ما تريد في سوريا. فثمّة من يعتقد أنها تريد بقاء الرئيس بشار الأسد في السلطة حتى انتهاء ولايته كي تسهّل انتخاب رئيس تسوية أو توافق للبنان، أو تريد انتخاب عون رئيساً إذا تقرّر ازاحة الأسد عن السلطة. ذلك أن إيران تستطيع مع بقاء الأسد في السلطة أن تحكم لبنان بوصاية مقنّعة أيّاً يكن رئيس جمهوريته وإلا استمر الشغور الرئاسي الى أن يتم القبول بعون رئيساً، وهو قبول تعرف إيران انه لن يحصل فتحمّل عندئذ غيرها مسؤولية استمرار هذا الشغور… وإلى أن يتحقّق لإيران ما تريد في سوريا وفي لبنان ستظلّ تلقي مسؤوليّة استمرار الشغور الرئاسي على غيرها باستمرار تمسّكها بترشيح العماد عون لأن هذا يبرّر استمرار الشغور الى أن يتقرّر مصير الرئيس الأسد باعتباره جزءاً من الحل، أو إلى أن تقوم إدارة أميركية جديدة بعد الانتخابات الرئاسيّة يكون التفاهم معها أجدى من التفاهم مع إدارة راحلة.

الواقع لو أن إيران كانت تريد انتخاب رئيس للبنان لأيّدت ترشيح النائب فرنجية الذي هو أقرب إلى الفوز بالرئاسة من عون، لكنها لا تريد إنهاء الشغور الرئاسي بتمسّكها بترشيح عون الذي لا أمل له بالفوز وترفض تأييد فرنجية لأن أمله بالفوز أكبر فينتهي بانتخابه الشغور الرئاسي، وهو ما لا تريده إيران قبل أن تعرف مصير الأزمة في سوريا، عدا أن استمرار الشغور الرئاسي يبقي ورقة ضغط وابتزاز في يدها، ولأن لا تداعيات لاستمرار هذا الشغور على وضع “حزب الله” الذي يبقى الحاكم الفعلي على أنقاض دولة مشلولة ومؤسّسات معطّلة، في حين أن الحزب قد يفقد دوره عند انتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً إذا طالب الحزب بسحب مقاتليه من سوريا ليصير في الإمكان تطبيق سياسة تحييد لبنان عن صراعات المحاور وعن كل ما يجري حوله باستثناء اسرائيل.

والسؤال الذي يثير قلق الناس ويقض مضاجعهم هو: متى تفك إيران أسر الرئاسة في لبنان إذا تأخّر حل الأزمة السورية ولا تظل تلقي مسؤولية استمرار الشغور الرئاسي في لبنان على سواها وإنْ لم يصدّقها أحد. فمن يريد إنهاء هذا الشغور لا يستمر في تعطيل جلسات الانتخاب بالتغيّب عنها من دون عذر مشروع بل بحضورها. وما دام النواب الموالون لإيران هم الذين يقاطعون الجلسات لتعطيل اكتمال نصابها فإن إيران تتحمّل وحدها المسؤوليّة. فهي لا تريد انتخاب رئيس لئلاّ تخسر ورقة الشغور الرئاسي التي تضغط بها في مفاوضاتها وتساوم عليها، وليس سوى استمرار التمسّك بترشيح العماد عون ما يحقّق ذلك، واستبداله بتأييد ترشيح فرنجية ينهي الشغور الرئاسي ويسقط هذه الورقة من يدها.

أما “حزب الله” فلا يحسّ بتداعيات استمرار الشغور الرئاسي على عمل المؤسسات وعلى مصالح الناس مهما طال أمده في انتظار أن تأخذ إيران في سوريا ما تريد كي تعطي في لبنان ما هو مطلوب منها.

لذلك، فلا روسيا استطاعت ان تؤثّر على موقف إيران لئلا تفقد دعمها وتعاونها على حل الأزمة السورية برؤية مشتركة، فينقلب على هذه الرؤية الطرف الآخر المعني بوضع سوريا، فبات لا بد من الاتفاق على حل في سوريا توصّلاً الى حل في لبنان لأن في لبنان من هم مرتبطون ومرتهنون لخارج، وقرارهم ليس حرّاً ويا للأسف!