IMLebanon

  بقاء الأسد ينسف مبادرة موسكو

مسؤول دولي بارز على اتصال بموسكو وواشنطن أوضح لنا “ان القيادة الروسية وصلت في تعاملها مع الأزمة السورية الى لحظة الحقيقة: فالدعم العسكري والسياسي والديبلوماسي الكبير المتواصل لنظام الرئيس بشار الأسد لم يمنح موسكو دوراً بارزاً مؤثراً يسمح لها بقيادة عملية سياسية تنهي الحرب وتنقذ النظام، ولم يعزز موقعها التفاوضي مع أميركا والدول الحليفة لها، بل ان إدارة الرئيس باراك أوباما ترفض أن تدفع أي ثمن سياسي لروسيا من أجل إنهاء القتال وحل هذه الأزمة، إذ انها تتمسك مع حلفائها بضرورة رحيل الأسد وتغيير نظامه وتتركها تتورط أكثر فأكثر في حرب مدمرة ليست لها نهاية ولن تحقق لها أي مكاسب. والحقيقة التي تواجهها القيادة الروسية هي ان الأسد بات ورقة خاسرة في أيديها وأفقدها المبادرة، ذلك ان التمسك ببقائه يعني التمسك بنظام خسر الحرب وألحق الكوارث بسوريا ومطوق بعزلة عربية ودولية واسعة غير مسبوقة، ويقفل في الوقت عينه أبواب الحل السياسي الشامل المقبول داخلياً وخارجياً والذي يضمن للشعب السوري بكل مكوناته حقوقه ومطالبه الحيوية ويحقق تطلعاته المشروعة”.

وأفاد المسؤول الدولي ان أربعة عوامل رئيسية تدفع القيادة الروسية الى العمل على محاولة إطلاق حوار سياسي بين ممثلين للنظام والمعارضة هي الآتية:

أولاً – إن أميركا تتحرك الآن في سوريا من غير التفاهم مع موسكو وتقود إئتلافاً دولياً – إقليمياً واسعاً يخوض حرباً طويلة ضد “داعش” والإرهابيين ويمكنه أن ينشط لاحقاً من أجل إحداث تغييرات مهمة في هذا البلد وإنشاء منطقة آمنة على الحدود مع تركيا تعزز مواقع المعارضة، كما يمكنه أن يدخل في مواجهة عسكرية مع قوات الأسد لسبب أو لآخر، ويترافق ذلك مع جهود جدّية أميركية – إقليمية لتدريب آلاف من المعارضين وتزويدهم أسلحة متطورة تعزز قدراتهم القتالية. وهذا الواقع يدفع المسؤولين الروس الى التحذير علناً من أن يشكل الإئتلاف الدولي تغطية لعملية واسعة تهدف الى إسقاط نظام الأسد.

ثانياً – تملك القيادة الروسية معلومات تثير قلقها وتشير الى تزايد النقمة على النظام واتساعها في صفوف قاعدته الشعبية، ومرد ذلك الى خسائره الكبيرة وعجزه عن إنهاء الحرب وعن وضع حد لمعاناة السوريين الهائلة في البلد عموماً وفي المناطق الخاضعة للسلطة خصوصاً. وتفيد هذه المعلومات ان النظام يفقد السيطرة على زمام الأمور في مجالات حيوية عدة، ويفقد التحكم بمسار الأوضاع، وان النفوذ الإيراني في سوريا يتسع ويزداد على حساب النفوذ الروسي، وان طهران تشجع النظام على رفض أي مشروع حل للأزمة تطرحه موسكو أو أي جهة أخرى.

ثالثاً – تدرك القيادة الروسية انها عاجزة وحدها عن إنجاز حل سياسي مناسب للأزمة وهي تريد في الواقع إيجاد صيغة ما تشكل نقطة إنطلاق للتعاون مع أميركا ودول إقليمية مؤثرة كالسعودية وتركيا من أجل إنهاء المأساة السورية البالغة الخطورة. ويرى الروس ان نجاحهم في إطلاق حوار سياسي بين ممثلين للنظام وللمعارضة يمكن أن يمهد لإطلاق مفاوضات أوسع ضمن نطاق مؤتمر دولي قد تؤدي الى صفقة سلام مقبولة لدى مختلف الأفرقاء والأطراف وتحقق مكاسب لموسكو.

رابعاً – يرى الروس ان مبادرة المبعوث الأممي الى سوريا ستيفان دو ميستورا القاضية بتجميد القتال في حلب يمكن أن تساعد، في حال نجاحها، على إطلاق حوار سوري – سوري يقود الى مفاوضات جدية. وعلى هذا الأساس يشجع الروس الأسد بإلحاح على قبول مبادرة دو ميستورا والإمتناع عن طرح شروط صعبة تمنع تنفيذ عملية تجميد القتال في حلب.

واستناداً الى المسؤول الدولي “فإن نجاح مبادرة الحوار هذه يتطلب من القيادة الروسية أن تقتنع بأن إنقاذ سوريا أكثر أهمية من التمسك ببقاء الأسد والمرتبطين به في السلطة وأن تتحرك فعلاً وجدياً على هذا الأساس، خصوصاً انها اكتشفت ان قوى المعارضة الحقيقية والشرعية في الداخل والخارج تتمسك بإنهاء حكم الإستبداد وقيام نظام جديد ديموقراطي تعددي. وفي المقابل، يريد الأسد أن يؤدي هذا الحوار الى خضوع المعارضين لشروطه ودعم بقاء نظامه وكأن شيئاً لم يكن وسوريا لم تنقلب جذرياً منذ إنطلاق الثورة الشعبية في آذار 2011. وهذا الواقع يضع القيادة الروسية أمام خيارات صعبة وقاسية في التعامل مع نظام الأسد ومع المعارضة، إذ ان الحل السياسي الحقيقي الشامل يتطلب رحيل الرئيس السوري وتغيير نظامه من أجل بناء سوريا جديدة”.