«بشّرنا» رئيس المجلس النيابي نبيه بري ان الانتخابات النيابية، ستجرى في موعدها المقرر بعد تمديدين استهلكا مدّة ولاية كاملة غير دستورية، تضاف الي مدة ولاية دستورية مدتها اربع سنوات، بما يعني ان السنة المقبلة، «اذا ما إجانا شي من الله» او من عبيده، فان اللبنانيين مقبلون على «نعمة» تجديد مجلسهم النيابي، دون المسّ طبعاً بمنصب رئيس المجلس المطوّب شيعياً و«غينيزيا»، نسبة الى موسوعة «غينيز» التي على ما يقال، ورد فيها اسم الرئيس بري على انه امضى اطول فترة كرئيس لمجلس النواب اللبناني، واكد بري ان الانتخابات ستجرى على اساس القانون الانتخابي النافذ في وقتها، بما يعني ضمناً انها ستجرى على اساس قانون الستين النافذ حالياً، لأن النواب لم يتوصلوا بعد الى التفاهم على مشروع قانون جديد، ولأن الرئيس برّي يرفض ان تدرج مشاريع القوانين الموجودة في مجلس النواب على جدول أعمال الجلسة التشريعية التي ينوي الدعوة اليها، والرئيس برّي في هذا الموقف يطبّق تماماً المثل القائل «صحيح ما تقسم، ومقسوم ما تاكل، وكول وشباع».
قال النائب القواتي شانت جنجنيان في حديث اذاعي ان مشروع القانون المختلط الذي اتفقنا عليه مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، اصبح مقبولاً من التيار الوطني الحر، وهذا الأمر ايجابي للغاية، لأنه يعكس تفاهم اربعة احزاب اساسية في البلد وتمثل ثلاث اكثريات لدى المسيحيين والدروز والسنّة، ويلتقي بنسبة كبيرة مع مشروع القانون المماثل الذي وضعته حركة أمل الشيعية، فلماذا لا يغتنم الرئيس برّي فرصة هذا التقارب، وفرصة رغبته بالدعوة الى جلسة تشريعية لمجلس النواب ويضع هذين المشروعين الهامين والمتعلقين بمصلحة الوطن ومصلحة الشعب ويتطابقان مع مبدأ تشريع الضرورة، على رأس جدول الأعمال، بدلاً من التمسّك بعناد من شأنه ان يطيح بالجلسة التشريعية وبفرصة استبدال قانون الستين القائم على النظام الاكثري فحسب، بقانون مختلط بين الاكثري والنسبي، يمكن ان يؤدّي اذا حسنت النيّات الى تقصير ولاية المجلس الممدد له، واجراء انتخابات نيابية تمهّد لانتخاب رئيس هذه السنة بدلاً من الانتظار الى السنة المقبلة والتعرّض الى مفاجآت ليست في الحسبان.
* * * *
الاحزاب المسيحية الثلاثة الممثلة في مجلس النواب بكتلة نيابية وازنة، عنيت بها احزاب، الكتائب، القوات، التيار الوطني، ستقاطع جلسة التشريع اذا لم تحترم مطالبها، وسيجد تيار المستقبل ذاته محرجاً بين التضامن معها كما وعد سابقاً، وبين رغبته بالحضور ارضاء للرئيس برّي، فلماذا اذن يتلكأ الرئيس برّي في سماع صوت العقل الذي يفتح منفذاً في الابواب المغلقة التي يؤدي فتحها الى اعادة الحياة الى قصر بعبدا وساحة النجمة والسراي الحكومي، والمؤسسات العامة التي ضمرت الى حدّ الهزال، ونوفّر على اللبنانيين هذه الصراعات الجانبية التي تؤذي صيغة العيش المشترك بين مكوّنات الوطن، وكان آخرها المواجهة الحادّة بين الوزير نهاد المشنوق ورئيس الحزب الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، والتراشق باتهامات الفساد والافساد بين وزراء في حكومة واحدة، تستفيد من الحاجة الى استمرارها، لتسجّل على نفسها، انها الأشد فساداً في تاريخ الحكومات، وان رحيلها، على مضاعفاته المحسوبة وغير المحسوبة، يبقى أهون وافضل من بقائها بؤرة تستولد الفساد والعقم واثارة العصبيات الطائفية والمذهبية.