جاء استيلاء «الجيش السوري الحر» الذي يقود تحالف «الجبهة الجنوبية» على مقر اللواء 52 وهو ثاني أهم لواء في الجيش السوري ليكمل مسلسلة هزائم نظام بشار الاسد.
فبعد هزائمه في ادلب وجسر الشغور في الشمال، وبصرى الشام في الجنوب، وتدمر في البادية جاءت الهزيمة مدوّية ونزلت «كالصاعقة» على مقر الرئيس الاسد في دمشق، فالضربة جاءت في الجنوب، واللواء 52 كان يشكل أحد أهم خط دفاعي عن العاصمة دمشق، فهو كان يتحكم في طريق دمشق – درعا.
الرئيس الأسد إطمئن منذ ثلاث سنوات للحماية الإقليمية والدولية لنظامه، خاصة بعد النجاح في «صناعة» «داعش» التي مدت بالقيادات والسلاح والمال من قبل النظام وحلفائه الاقليميين (إيران والعراق، فإيران شكلت المعبر للعناصر المتطرفة إلى سوريا والعراق، والعراق أطلق قيادتها فجأة من سجن أبو غريب..)، لتشكل «فزاعة» للشعب السوري، وللعرب وللغرب، كل ذلك لوضع الجميع بين خيارين السيىء (بشار) والاسوأ (داعش).
بعد دفع المتطرفين إلى الساحة السورية عمل النظام السوري على تسليمهم الرقة والعديد من المطارات والمواقع بما فيها من أسلحة وذخيرة، وبعد بروز أعمال «داعش» الفظيعة والارهابية حدث تفاهم بين روسيا والغرب بقيادة أميركا على عدم إسقاط نظام الأسد لأن البديل عنه هو الأسوأ..!!
بعد هذا التفاهم الروسي – الأميركي استمرت إيران بتقديم كافة وسائط الدعم لنظام الأسد عسكرياً وبشرياً ومالياً وسياسياً واعلامياً.
فإيران لم تكتفِ بقيادة عملياته العسكرية عبر قيادات من الحرس الثوري، فأوعزت لحزب الله لإرسال آلاف المقاتلين لحماية النظام ومنعه من الانهيار، وعملت على تجنيد مرتزقة شيعة من العديد من الدول، وقد كشفت مؤخراً صحيفة «لوبوان» الفرنسية ان إيران عملت على تجنيد أكثر من 4000 مرتزق شيعي افغاني من «الهزارة» مقابل 3000 دولار أميركي شهرياً، وأن السفارة الإيرانية في كابول هي من عملت على تقديم الدعم والتسهيلات لهؤلاء من تأمين التأشيرة والأموال والنقل.
وكشفت الصحيفة أيضاً ان إيران تعمل على تجنيد مقاتلين شيعة من الهزارة الافغان المهجرين إلى إيران، ولكن هؤلاء يتم تجنيدهم عبر الضغط عليهم وتخييرهم ما بين الطرد من إيران أو القتال إلى جانب النظام السوري مجاناً.
فالوقائع التي أكدت خسارة النظام للعديد من المحافظات والمواقع العسكرية الهامة تُشير إلى ان النظام يتهاوى، ولم يعد يتحكم بالمسار العسكري، وأن قوى المعارضة مع مرور الوقت استطاعت ان تنظم وضعها بصورة أفضل رغم ما تقوم به «داعش» من إعاقة عملها، وأن التفاهم السعودي – القطري – التركي، استطاع ان يمد المعارضة بقدرات جديدة من السلاح استطاعت به ان تحقق انتصارات كبيرة في الشمال وهي اليوم باتت على تخوم اللاذقية والقرداحة مسقط رأس الرئيس الأسد.
وأن المعارضة في الجنوب نجحت في تشكيل إئتلاف قوي نجح في السيطرة على مدينة بصرى الشام والعديد من المعابر آخرها كان معبر «نصيبين» مع الأردن، وأول أمس تمّ الاستيلاء على اللواء 52، هذا إضافة إلى سيطرتها على أكثر من 80 بالمائة من الجنوب السوري.
هذه الوقائع تؤكد ان الحماية الدولية (الروسية – الاميركية) للنظام، أو لمنع سقوطه باتت محل مراجعة لدى الدولتين بعد تنامي قوة المعارضة المترافق مع مسلسل هزائم النظام، الذي لم يستطع خلال السنوات الأربع الماضية ان يحقق انتصاراً عسكرياً واحداً.
والسؤال المطروح اليوم بعد هزائم النظام المتتالية والمتسارعة هل ستدفع روسيا وأميركا للإسراع بالدعوة لعقد جنيف 3 ؟ وهل النظام بات أكثر قبولاً لتسهيل التسوية عبر جنيف بعدما عرقل جنيف 2؟ أم سيستمر في تضييع الفرص؟