Site icon IMLebanon

النظام السوري.. ليس بالسلاح وحده يستهدف شعبه

 

بعد آلاف الارتكابات وعمليات الإجرام الموثقة التي مارسها النظام السوري وحُلفاؤه ضمن مناطق سيطرتهم، من عمليات قتل وتنكيل واستهداف للمدنيين بمختلف أنواع الأسلحة الفتّاكة والكيماوية، بالإضافة إلى عمليات الترحيل والتهجير، استحضر النظام طرقاً جديدة لمحاربة شعبه ومعاقبته وخصوصاً الذين انتصروا على آلة الموت وظلّوا حتى اليوم على قيد الحياة. ويأتي هذا الإستحضار الجديد ليُعبّر عن حجم الإجرام الذي يُمارسه نظام الأسد وليكشف بشاعته امام الرأي العام المحلي والدولي واضعاً الحقائق فقط برسم من يُريد البحث عن حقيقة نظام لم يوفر عملية قتل للتخلص من شعبه إلا ومارسها، فقط من اجل البقاء على كرسي الحكم.

 

من عمليات القتل الجماعية ومن الجرائم والمجازر التي استخدم فيها الأسلحة الكيماوية ومن قصفه للمدنيين أرضاً وبحراً وجوّاً، كُشف أمس، عن جرائم ارتكبها النظام السوري وعدد من المنظمات المُسلحة في سوريا بحق النساء، وذلك من خلال تقرير نشرته “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” كشفت من خلاله النقاب عن حجم العنف الذي تتعرض له المرأة في سوريا والذي يفوق ما تتعرض له في أي مكان آخر من العالم. وقد حمّل التقرير مسؤولية الممارسات العنفية هذه، إلى كل أطراف النزاع في سوريا وفي مقدمها النظام السوري وحلفاؤه.

 

التقرير الذي حمل عنوان “معاناة السوريات تمزق الوطن وتشرد المجتمع” وثق مقتل 27226 أنثى منذ آذار 2011 على يد الجهات الفاعلة في سوريا، يتوزعن إلى 11889 أنثى طفلة، و15337 أنثى بالغة، مؤكداً أن نظام الأسد قتل 21573 و1231 على يد حلفائه، في حين قتلت قوات التحالف الدولي 926، بينما قتلت فصائل المعارضة المسلحة 1301 أنثى”. ووفقاً للتقرر فقد قتلت 922 أنثى على يد “التنظيمات الإسلامية المتشددة” بينهن 844 أنثى على يد تنظيم داعش و78 على يد “هيئة تحرير الشام” كما قتلت قوات الإدارة الذاتية الكردية 220 أنثى، في وقت قتلت 1053 أنثى على يد جهات أخرى. كما يُشير إلى أن ما لا يقل عن 9906 إناث ما زلن قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري منهن 8057 أنثى في سجون نظام الأسد.

 

ما يُصيب النساء في بلد تحكمه عصابات تحت مُسمّى “الجيش”، لا بد أن تتصدر عمليات الإجرام فيه، أي عمليات مماثلة في أي بلد، وهو أمر بدأ يُثير قلق الشعب السوري خصوصاً أن مئات عمليات الإبادة الجماعية والتعذيب داخل السجون ودفن جثث في أماكن مُختلفة بعيدة عن الأنظار، بدأت تتكشف اليوم في ظل إنخفاض وتيرة القصف في بعض المناطق، وقد تبيّن بحسب فئات كثيرة من الشعب السوري، أن معظم هذه المجازر قد تمت في المناطق التي تخضع لسيطرة النظام وفي مناطق حوّلها إلى مجرد ركام قبل أن يدخلها على جثث نسائها واطفالها وشيوخها مثل حلب وحمص والعديد من مناطق وأحياء العاصمة.

 

وفي سياق عمليات الإجرام، فقد تم الكشف خلال اليومين الماضيين، أن “الهيئة العامة للطب الشرعي” في سوريا التابعة لنظام الأسد كشفت العديد من حالات الاعتداء الجنسي على ذكور وإناث في مناطق تخضع لسيطرة النظام، وقد جرى توثيق 363 حالة اعتداء جنسي على ذكور وإناث في ست محافظات في البلاد، وقد احتلت حلب المرتبة الأولى بنحو 165 حالة بينما جاءت دمشق ثانياً بـ110 منها 48 في ريفها. وقد جاءت محافظة حماة في المرتبة الثالثة بـ 58 حالة، أما في اللاذقية والسويداء فقد سُجلت 19 حالة والرقم نفسه سُجل في حمص. ووفقاً للتقارير فإن نحو 90 حالة منها لم يتم الإبلاغ عنها بسبب خوف الأهالي من ضباط وعساكر النظام. وهذا الامر لا يرفع التهمة أيضاً عن بعض الفصائل المسلحة، لكنه في مكان ما، يُساوي من ناحية الشكل والمضمون، بين المجموعات الإرهابية والنظام السوري.

 

لا يحتاج النظام السوري إلى إتهامات لتبيان حجم الجرائم التي يرتكبها أو إلى ادلة على هول مجازره، فعادة ما يكشف هو بنفسه بطرق غير مباشرة عن عمليات الإجرام هذه. لكن ما كشف عنه وزير الدولة اللبناني لشؤون النازحين في حكومة تصريف الاعمال معين المرعبي لـ “موقع الحرة” مطلع الشهر الحالي، لا بد من الوقوف عنده، والتحذير منه خلال أي عملية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم. المرعبي أكد أن “هناك خطراً على حياة النازحين السوريين العائدين من لبنان إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام السوري، كاشفاً عن معلومات لديه تؤكد قتل نحو 20 عائداً منهم”.

 

اليوم ثمة مُسلّمات لدى فئة كبيرة من الشعب السوري، تقول أن ما يرتكبه تنظيم “داعش” أو أي منظمة إرهابية أخرى، يُمارس أيضاً على يد جيش النظام، لا بل ببشاعة اكبر وإجرام أفظع. وتعتبر إحدى هذه المُسلّمات أن العمليات هذه تتم بالتنسيق بين النظام و”داعش”، وهذا ما تُظهره الوقائع الميدانية خصوصاً في البادية في حمص وقبلها في دير الزور وأيضاً في الحسكة. ولا يقتصر التنسيق فقط على عمليات توزيع البترول والمواد الغذائية، بل أيضاً على طرق الإمداد بالسلاح والمخازن بحيث يقوم كل طرف بتسهيل إنتقال الأسلحة إلى الطرف الآخر، كل بحسب المناطق التي تخضع لسيطرته. والجميع يذكر في هذا السياق، يوم سيطر “داعش” على اكبر مخازن أسلحة النظام في البادية السورية، ليعود وينسحب منها بعد أقل من 24 ساعة.