Site icon IMLebanon

زوبعة خلافات “القومي” تضع مصيره الإنتخابي على المحك

 

بين حردان وبنات فشل علي المملوك وعلي عبد الكريم علي

 

«وصرت إذا اصابتني سهام تكسّرت النصال على النصال»، لا يجد أحد مسؤولي الحزب «السوري القومي الإجتماعي» الأساسيين أبلغ من بيت الشعر هذا، تعبيراً عن حال الحزب الذي دخل مستنقع الانقسامات وتجرّع الكأس المرة ولم يجد لدائه دواء. لعل انطون سعادة يتحسّر على حزب علماني عابر للطوائف اسسه ليكون قدوة الاحزاب في الوطنية، فغدا فروعاً تستعد لمواجهة بعضها في الانتخابات، وتنقسم بين مرشحي فرع الروشة التابع لرئيس الحزب الحالي ربيع بنات، ومرشحي فرع البريستول التابع للرئيس السابق النائب أسعد حردان.

 

بينما يعلن حردان اسماء المرشحين المدعومين من قبله ظهر اليوم، يستعد بنات لاعلان اسماء مرشحي فرعه. وباستثناء المقعد الارثوذكسي في مرجعيون-حاصبيا حيث نجح «حزب الله» في تحصين المقعد للنائب حردان برفض ترشيح شخصية قومية منافسة، فان الحزب «القومي» يخوض الانتخابات بهدف اقصاء بعضه وليس بهدف الوصول الى البرلمان. كل ترشيحات المناطق ستشهد ترشيحات بالمقابل، كله يعبر عن الأسف والانزعاج بينما هامش التفاهم ضاق ما ينذر بوجود قطبة مخفية موجودة في سوريا على الارجح حيث مرجعية الحزب وكلمة سره.

 

ليس الانقسام داخل الحزب «القومي» جديداً. سلسلة الانشقاقات موجودة داخله وفي تزايد مستمر وقد اتسمت بحدة فائقة وبرزت اليوم مع الاستعداد لخوض الانتخابات النيابية، حيث تمظهرت حركة اصطفافات وترشيحات حزبية توزعت بين مجموعتي البريستول التابعة لرئيس الحزب اسعد حردان، والروشة التابعة لرئيس الحزب الحالي نزار بنات. وتبرز الخلافات الانتخابية خصوصاً في الكورة حيث ترشح النائب الحالي سليم سعادة مدعوماً من حردان بالتحالف مع «المرده»، كما ترشح عن القومي ايضاً وليد عازار المدعوم من جماعة الروشة متحالفاً مع «التيار الوطني الحر». انقسام يخلّف ندوباً على الحزب وسيؤثر حكماً على نتائجه في الانتخابات. التفاهم بين الثنائي و»التيار الوطني الحر» اطاح بمقعد «القومي» الذي شغله في انتخابات 2018 النائب البير منصور غير الحزبي والمنضم إلى كتلة الحزب النيابية، والذي يغادر حلبة ساحة النجمة كما دخلها فلم تضف ولاية السنوات الاربع النيابية الى رصيده بقدر ما اساءت الى حضوره.

 

وبين فريقي الروشة والبريستول ثمة فريق ثالث هو مجموعة توفيق مهنا ومعه جورج رياشي واعضاء من المجلس «القومي» والامناء. حركتهم مربكة لانهم يرفضون الاصطفاف مع هذا الفريق او ذاك وقصدوا سوريا وسفيرها في لبنان وعادوا بوعود بالدعم. ما يهم هذا الفريق التأكيد عليه انه ليس ضمن اي تنظيم من التنظيمين وليس طرفاً في العملية الانتخابية لا ترشيحاً ولا انتخاباً ولا يدخل في التسميات، واعضاؤه معنيون بتوحيد الصفوف ويسعون اليه على اعتبار ان الانقسام الداخلي من شأنه ان يهدد حظوظ الحزب بالفوز لمصلحة الخصوم. يسعون لرأب الصدع لكن العصبية التنظيمية التي صارت أقوى من القضية أضعفت آمالهم.

 

القوميون المنقسمون بين بنات وحردان، جميعهم تخرجوا من المدرسة ذاتها وهي مدرسة أسعد حردان الذي يزعجه ما وصل اليه القومي، ويتحدث في اتصال مع»نداء الوطن» عن «وجود جهات آخذ على خاطرها، وناس ما بدهم» يعترفوا انه «من الخطأ وجود مرشحين اثنين للحزب عن المقعد ذاته او في المنطقة ذاتها، سواء في الكورة او بيروت او في اي منطقة اخرى وهذا يعد اخفاقاً للحزب ومرفوض». ويقول: «نحن مع تقوية الحزب وليس مع اضعافه لانه حزب غير طائفي ويشكل حاجة وطنية للبلد»، غامزاً من قناة «محاولة لإضعاف الحزب يقوم بها بعض القوميين ويجب ان يُسألوا عن سببها والغاية منها».

 

والى ترشيحه في مرجعيون-حاصبيا سيعلن حردان عن ترشيح كل من غسان غصن في بيروت عن المقعد الارثوذكسي، وعن المقعد الكاثوليكي في البقاع الشمالي وديع ضاهر، وفي البقاع الغربي انطوان سلوان عن المقعد الماروني، سليم سعادة في الكورة الذي ترشح باسم النهضة وكمستقل عن «القومي»، لكنه يحظى بتأييد واسع داخله، وفي عكار هناك اسمان احدهما عبد الباسط عباس عن المقعد السني وسلفادور مطر عن المقعد الارثوذكسي.

 

بالمقابل من المرشحين المحتملين المدعومين من قبل فرع الروشة: رمزي معلوف عن بيروت المرجح وفق المعلومات ترشحه على لائحة الثنائي، اياد معلوف في البقاع الشمالي وشكيب عبود في عكار، جودت بطرس عن طرابلس، وليد عازار عن الكورة وانطوان خليل عن المتن الشمالي، وحنا جعجع عن بعلبك الهرمل لكن امره لم يحسم بعد. واذا كان حردان حسم مرشحيه فان المفاوضات لا تزال مستمرة من قبل فريق الروشة في ما يتعلق باللوائح والترشيحات النهائية، على ان المفارقة بين الفريقين هي عملية شد الحبال للفوز بالترشح على لائحة الثنائي وطلب دعمه.

 

وتبقى المفارقة كيف ان حل الخلافات داخل «القومي» وتوحيد صفوفه باتا عصيين على سوريا قيادة ومسؤولين أمنيين. ما يقارب 800 ساعة اجتماعات وزيارات الى رئيس جهاز المخابرات علي المملوك وتدخلات للسفير السوري في لبنان علي عبد الكريم، كلها لم تنجح في رأب الصدع بين الفريقين. كل فريق من الجهتين يقدم نفسه ويتعاطى على انه ام الصبي ويحظى بدعم القيادة السورية، فيما الحقيقة ان الحزب بكل قيادييه والذي يصب في سوريا يغرق في خلافات تهدد وجوده وتنهكه. الحزب الممثل في برلمان 2018 بثلاثة مقاعد هي: سليم سعادة (الشمال الثالثة)، أسعد حردان (مرجعيون) وألبير منصور (بعلبك-الهرمل)، وضعه الانتخابي مأزوم والخلافات قد تكون الزوبعة التي تعصف به.