IMLebanon

المسرح السوري ضيّق والألعاب الروسية واسعة

 

موسكو المطمئنة قلقة بعد حادثة الصاروخ الذي أسقط فوق ادلب طائرة سوخوي – ٢٥ المسمّاة القلعة الطائرة. ما يقلقها هو ان تتورّط في مستنقع افغانستان سورية كما تورّط الاتحاد السوفياتي في المستنقع الافغاني. وهو بالطبع أن يكون تسليم الصاروخ لمعارضين ولإرهابيين بداية خطة أميركية جديدة لتغيير قواعد اللعبة في حرب سوريا، لا مجرّد رسالة الى موسكو. فهي دخلت مباشرة في الحرب واثقة من الربح والقدرة على ادارة اللعبة العسكرية والامساك باللعبة السياسية. وهي استثمرت ورفعت سقف أرباحها الى الحدّ الأقصى. من الحفاظ على النظام وتجربة أسلحتها الحديثة الفتّاكة الى ضمان الوجود العسكري الدائم في قاعدتين بحرية وجوية على المتوسط. ومن استعادة موقعها كقوة عالمية تفرض على أميركا المشاركة في قيادة النظام العالمي الى فرض نفسها كقوة اقليمية في كل معادلات الشرق الأوسط وأزماته والتسويات.

 

الآن يقع شيء من الظلال على الصورة. ومن الصعب بالطبع تصوّر ادارة الرئيس دونالد ترامب تقدم على تنفيذ خطة كاملة لإلحاق هزيمة عسكرية بروسيا في سوريا. لكن التحديات الصعبة أمام موسكو تتجاوز الخسائر العسكرية التي تبقى محدودة الى وضع نهاية للحرب بتسوية مقبولة. إذ من دون التوصل الى تسوية تصبح أرباح الحرب أعباء. ومن دون إقناع أميركا بالتعامل مع روسيا بالندية الكاملة في ادارة النظام العالمي، فإن من الصعب الحصول على ترجمة استراتيجية للمكاسب الجيوسياسية الروسية.

والظاهر من التحديات هو اضطرار موسكو للقيام بمهمة مستحيلة هي أكل الكعكة والاحتفاظ بها، حسب المثل الانكليزي. فهي تحاول حاليا إقناع النظام بأنها ضمنت بقاءه الدائم، وإقناع المعارضين بقبول أي تسوية لأن أي تغيير بسيط يؤدي الى تغيير النظام في النهاية. تعطي تركيا الضوء الأخضر لاجتياح منطقة عفرين ضد القوات الكردية، وتلتزم دعم الكرد للحصول على فيديرالية أو أقله ادارة ذاتية. تحتاج الى ايران على الأرض، وتوحي لأميركا انها راغبة في كبح النفوذ الايراني. تشارك أنقرة وطهران في ضمان ما سمّته مناطق خفض التصعيد وتصنع هي وتركيا وايران أكبر تصعيد في المعارك. تمارس زرع الشوك على طريق أميركا، وتعمل لفتح الطريق الى المشاركة مع أميركا. تأخذ النظام والمعارضة الى جنيف ثم أستانا ثم سوتشي، وتعيد كل طرف الى قاعدته بلا تسوية.

وليس من السهل، مهما تكن براعة الرئيس فلاديمير بوتين وقوة روسيا العسكرية وحاجة المنطقة الى قوة عالمية توازن القوة الأميركية، القيام بكل تلك المهام. فالمسرح السوري ضيّق، والألعاب واسعة ومعقّدة. والمسرح الاقليمي مفتوح لكل أنواع الصراعات والحروب.