IMLebanon

ثوابت المتغيّر السوري

 

ملأت الممانعة الدنيا ضجيجاً عن جنوب لبنان، لكنها نفّست حملها في جنوب سوريا. محاولة من جديد إعادة تصحيح خارطة الانتشار المحيطة بالسور الذي يُبقي الرئيس السابق بشار الأسد في قلعته الأخيرة، بعد أن تمكنت المعارضة من توليد مناخ عن استعداداتها (وقدرتها) على إحداث خرق كبير في ذلك السور..

ولا يفعل ممانعو إيران، سوى محاولة تجميع المياه في سلّة مفخوتة!

إذ، بعيداً عن تفاصيل المعارك الجارية منذ أيام في ريفي درعا والقنيطرة، والمعنى الفعلي والحقيقي البعيد عن المبالغات الطنّانة والضخّ التهويلي، لما قيل عن «تقدّم» أحرزه المهاجمون في موقعين أو ثلاثة.. وبعيداً في المقابل، عن دقّة بعض البيانات التي تتحدث عن خسائر كبيرة أصابت هؤلاء المهاجمين، هناك حقائق ثابتة في مسار النكبة السورية، لم تتغير بعد، ولا يفترض أحد، حتى الآن، قدرة فريق أو طرف واحد على تغييرها.

أولى تلك الحقائق، ان ما من قوة على هذه الأرض ستتمكن من إعادة «أبو طنجرة» الى حكم سوريا! وثانيتها ان حجم النار التي ألقيت على شعب سوريا، كانت كافية لإحراق مئة ثورة مثل ثورته، لكنها أنتجت نكبة له ولم تنتج انتصاراً عليه! وثالثتها، ان الممانعة في نسختها الأخيرة، الإيرانية الصافية، مثلها مثل الممانعة في نسختها السابقة الايرانية الأسدية المشتركة، تعرف فعلياً وميدانياً، انها جرّبت الحل العسكري وفشلت. وتحاول الآن وستفشل، وفي الحالتين كان مسارها تراجعياً وليس العكس. ومساحة الأرض التي تسيطر عليها الآن، أقل بأشواط من تلك التي كانت تسيطر عليها قبل الآن.

ومن أبرز الحقائق الثابتة في هذا الأتون المتحرك لهذه النكبة، ان شعبها ضحيتها الأولى لكنه أقوى منها.. ثورته واجهت بشار الأسد وجيشه وأجهزته البطّاشة وشبّيحته وذبّيحته ومعهم روسيا ومدَدَها وموقفها السياسي (والديبلوماسي) وإيران وكل عدّتها ومخازنها وأموالها وميليشياتها اللبنانية والعراقية والأفغانية، وفوقهم جميعاً إدارة باراك أوباما وحساباتها المخزية، وصولاً الى «داعش» وما أدراك ما «داعش».. ومع ذلك كله لم تنكسر هذه الثورة ولن تنكسر!

وفي ذلك، أشياء، أبعد من هيجان اللحظة، وغموض الطريق وتوتر المعارك، تؤلف منطقاً حتمياً يرفض أهل المناتعة والممانعة أخذه كما هو، على بساطته أو عُقَدِه: ثورة السوريين حقيقية وأصيلة، وليست شغل الصين أو نتاج توليف استخبارات خارجية (مثل ثورة الايرانيين على الشاه بالمناسبة!). ولذلك ستصل الى هدفها مهما طال الزمن وكبر الثمن. علماً (بالمناسبة أيضاً) أن الشاه لم يفعل مع الإيرانيين، شيئاً يُذكر أو يُقارن، بما فعله الأسد والمحور الممانع مع السوريين!.