Site icon IMLebanon

السوريون واختلال العالم

 تقترب الثورة السورية من عامها السادس، في ظل مناخ دولي يبدو حتى اللحظة غير مدرك لمدى الاختلال الذي يصيب العالم بسبب ترك الحال السورية على شكل مستنقع أسود.

أما السيد ترامب فيريد القضاء على التطرف الإسلامي نهائياً واقتلاع جذوره، بينما تقضي سوريالية حال العالم أن يتحدث حزب الله بلسان زعيمه عن مجموعات إرهابية سورية يحاربها وينسى أنه هو نفسه تم توصيفه بالإرهابي، أما بشار الأسد فيرى أنه ذاهب للآستانة ليعيد المحموعات الإرهابية إلى حضن الوطن، بينما تقبع في سجونه حتى اللحظة عشرات الآلاف من معتقلي الرأي من بينهم محامون وفنانون ورسامون وكتاب وصحافيون، كلّ ما فعلوه أنهم وقفوا في صف الناس التي تقتل وتهجر وتعتقل.

قبل أعوام نشر أمين معلوف كتابه «اختلال العالم»، ويبدو أن الكثير مما طرحه في ذلك الكتاب ما زال صحيحاً، سيما حين رأى أن «إحدى العبر التي تستخلص من 11 أيلول 2001 هي أنه ما من اختلال يبقى محلياً صرفاً، وهو حين يصيب المشاعر ورؤية الذات والحياة اليومية لمئات ملايين الناس، تظهر مفاعيله في طول الكرة الأرضية وعرضها».

وبينما تستشعر أوروبا خطر ترامب وسياساته المقبلة وعبرت عن ذلك التظاهرات التي رافقت وأعقبت تنصيب ترامب، يـــصرّ النظام الإيراني على السير نحو وهـــمه الإمبراطوري معتقداً أن تفخيخ المجتمعات العربية طائفياً هو سياسة ناجعة لتحقيق وهمه وتوسعيته.

ثمة عجز سياسي دولي مزمن بالتعامل مع الحال السورية، عجزٌ سببه الأول هو اختلال العالم المعاصر وتركه العديد من القوى تنمو وكأنها قدر لاغنى عنه، من تلك الأقدار السيئة مثلاً النظام الإيراني ونظام بشار الأسد.

هذا العجز يبدو وكأنه سياسة ممنهجة عند حلفاء الأسد، الأسد الذي تحول إلى جندي في جيش بوتين وميليشيات خامنئي الطائفية. وهذا بينما تتابع الأمم المتحدة رصدها الرقمي لأعداد الضحايا السوريين القتلى والنازحين والمهاجرين والمحاصرين والمعتقلين.

كأن هذا النفق بلا نهاية، ويبدو كأن النفق السوري الأسود هو نفق أسود للعالم برمته، وبينما يجتمع الأتراك والروس لتقرير مؤتمرات تخص سورية، تنقسم المعارضات السورية أفقياً وعمودياً.

وهناك من يشعر أن هناك اختلالاً مفاهيمياً في هذا العالم بينما يؤجل طرح مدى شرعية الحكم الباقي في دمشق، أو شرعية احتلال المليشيات الطائفية مساحات كبيرة من الجغرافية السورية.

ومئات الأسئلة الموجعة انبثقت خلال عمر هذه الثورة اليتيمة، منها أيضاً: لماذا يصمت العالم أجمع عن نظام الأسد بينما يسلط أضواءه العالية على تنظيم داعش وجبهة النصرة؟

اختلال هذا العالم يزداد سيما إذا بقي الخطاب الترامبي على هذا المستوى من الانفعال والتردي. لا شك في أن الحال السورية تحتاج إلى حل سياسي سريع يبدأ بأهم مطلب للشعب السوري وهو تنحية الأسد، وخروج كل الجيوش الأجنبية من الأراضي السورية.

والواضح من خلال تظاهرات الشعب الأميركي التي انتشرت من لحظة تنصيب ترامب أننا الآن أمام اختلال عالمي جديد ستزداد شروخه في العهد الترامبي.

وفي المحصلة، على رغم كل هذا السواد في اللوحة العالمية، ثمة ضوء متفائل في أصوات المتظاهرين الولايات المتحدة.

بالتأكيد لا يمكن إعادة الزمن للوراء، والمؤكد أكثر أن الصمت على الحال والمأساة السورية أوصل العالم إلى أن يقوده شخص مثل ترامب وإلى احتلال روسيا سورية من قبل تؤأم ترامب العقلي ألا وهو بوتين. لكن يبقى السؤال: هل سنتهض سورية من تحت الركام؟.