IMLebanon

النظام في خطر وبعضهم ضاق ذرعا بالطائف حلفاء الطرف المسلح يرون فرصة سانحة

يحفظ التمديد لولاية مجلس النواب إمكانية لانتخاب رئيس للجمهورية، بينما يقضي عدم التمديد على هذه الإمكانية لأن الإنتخابات النيابية غير واردة موضوعياً في الظروف الأمنية الحالية . ومن سينتخب الرئيس إذا لم يعد هناك برلمان؟ هذا الإقتناع يتبلور تدريجاً في صفوف كتلتي “القوات اللبنانية” والكتائب من غير أن يعني تخلياً عن الرفض المبدئي للتمديد. يتوجّب تالياً الإنتظار حتى انتهاء عطلة الأسبوع لـ” دوزنة” الموقف النهائي للحزبين في ضوء دقة الأوضاع والمرحلة والأخطار.

يقول أصحاب هذا الرأي: صحيح أن التمديد الثاني لولاية مجلس النواب والذي أصبح حتمياً يمكن أن يمدّد معه فترة الفراغ الرئاسي لأشهر مديدة بعدما ساد لمدة اعتقاد – خاطئ – أن انتهاء ولاية البرلمان في 19 تشرين الثاني المقبل هي مهلة قصوى لانتخاب الرئيس، إلا أن التمديد يحمل معه على الأقل بعض أمل. من دونه يسقط لبنان في فراغ بلا قعر.

وبعيداً من الغرق في تفاصيل وخلفيات ونيات مبيتة وطموحات شخصية، سرت في الصالونات السياسية موجة أسئلة مقلقة في الأيام الماضية عما ينتظر لبنان بعد ثبوت عدم تردد فريق من اللبنانيين في دفع المؤسسات الدستورية إلى الهاوية، ارتكازاً الى فكرة تتردد في “التيار الوطني الحر” ولا يعارضها “حزب الله”. فكرة لمس الرئيس نبيه بري بنفسه “نَفَسَها” خلال لقائه الأخير والنائب الجنرال ميشال عون، فحواها أن اتفاق الطائف الذي انبثق منه الدستور الحالي تأكد فشله على مدى 25 عاماً، قبل انسحاب الجيش السوري تحت وطأة الضغط الشعبي في 14 شباط و14 آذار 2005 وبعد هذا الإنسحاب حتى اليوم، بدليل الأزمات المتلاحقة على صعيد مؤسسات الحكم كافة، لا سيما رئاسة الجمهورية ومجلسي الوزراء والنواب.

يزعم أصحاب هذه الفكرة أن هناك غالبية شعبية لبنانية من مختلف الطوائف ضد “الطائف” ودستوره الذي يعاني أعطالاً وثغراً عدة في التطبيق كما في الجوهر، وإن لم تستطع هذه الغالبية التعبير عن نفسها تماماً في الإنتخابات النيابية بسبب قانون الإنتخابات الذي لا يوفر صحة التمثيل، وقد تكون الطائفة السنية وحدها المستفيدة من هذا الإتفاق لأنه يجعل منصب رئيس مجلس الوزراء الموقع الأقوى في الدولة، في حين تلجأ الطائفة الشيعية إلى ثقل سلاحها لتقيم توازناً سياسياً معها. وترغب الغالبية وفق أصحاب هذه الفكرة أنفسهم في نظام يقوم على انتخاب رئيس من الشعب أو المداورة في الرئاسة، أو حتى المثالثة، على أن يكون تمثيل المسيحيين من ضمنها “صافياً”، أي أن يختاروا وحدهم ممثليهم في السلطة. ويدعم هؤلاء رؤيتهم هذه بحقيقة أنهم حلفاء الطرف الأقوى في لبنان والمنطقة ، إستناداً إلى تقديرهم لقوة الجمهورية الإسلامية في إيران واندفاعتها في العراق وسوريا ولبنان مقارنة بخصوم إيران العرب ، وهم يتفقون مع حليفهم المحلي المسلّح على هذه الرؤية، فلماذا يفوتون الفرصة السانحة في لحظة توضع فيها خريطة الدول المحيطة بلبنان على بساط البحث؟

بالطبع يعترض مؤيدو “الطائف” على علاّته، فمجرد الحديث عن دستور جديد أو تعديلات دستورية خطير جداً في لحظة محاولة قوى إقليمية تعديل موازين القوى لمصلحتها، إذ يستحيل التكهن بالإتجاه الذي يمكن أن يسلكه التغيير وقد يؤدي إلى حروب أهلية مجدداً لأن الطوائف ستنفتح شهياتها وستندفع إلى سباق تسلح لتفرض كل منها الوضع الذي يناسبها. وعندما يكون فريق مسلح وفريق آخر أعزل إلا من سلاح الموقف، فإن الرأي الأقوى سيكون للسلاح، وقد عانى اللبنانيون ما يكفي من المآسي منذ 1975 للتوصل إلى تسوية الطائف التي لا ترضي أي فريق مئة في المئة . أما الشوائب الموجودة في الإتفاق، سواء تعلقت بصلاحيات رئيس الجمهورية أم غيرها، فيمكن معالجتها ولكن بعد تطبيق الإتفاق. حتى اليوم لم يطبق الطائف.

ثم أن بعضهم الذي يزين فكرة التخلص من “الطائف” يعود هذه الأيام إلى فكرة “المجلس الرئاسي” أيضاً إذا تعذر عليه أخذ الرئاسة كلها . وفي هربه من الدستور يلاحظ أن لبنان محكوم هذه الأيام شئنا أم أبينا من 24 رئيساً لكل منهم حق “الفيتو”. لماذا لا نعتمد هذه التجربة وبلا رئيس؟