IMLebanon

امتحان اتفاق بعبدا وسلام حافة الحرب

 

من الصعب الهرب من سؤال يفرض نفسه على الذين رأوا خلال الأيام الماضية كل أشباح الحرب: هل كان من الضروري أن نستعيد مشهد خطوط التماس ونصل الى ما لم نصل اليه في حرب لبنان، وهو تجاوز تلك الخطوط، لكي يلتقي رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس مجلس الوزراء في قصر بعبدا؟ وهل كان على المختلفين في الداخل المتفقين على مواجهة العدو الاسرائيلي انتظار تهديدات ليبرمان لكي يكسروا مناخ الجفاء الداخلي باستعادة الموقف الواحد ضد تهديدات العدو واللقاء على مواجهة الانتهاكات الاسرائيلية للقرار ١٧٠١ والعمل لتسوية الخلافات الداخلية؟

لا بأس. ربّ ضارّة نافعة. فما اكتشفناه في أزمة الخلاف بين الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري على مرسوم الأقدمية لدورة ١٩٩٤، وفي موقعة الفيديو حيث كلام الوزير جبران باسيل المسيء الى رئيس المجلس وانفلات الشارع على مدى أيام مخيف جدا: السلم الأهلي واقف على حافة الحرب الأهلية. وما يحول دون العودة الى الحرب أو يأخذنا اليها هو القرار من فوق، بعدما تبيّن مستوى التخاطب لدى القواعد عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي بدت وسائل التشائم اللااجتماعي.

لكن اللقاء المثمر حسب بري، والمثمر جدا حسب الرئيس الحريري لا يزال في حاجة الى معمودية النار. فما اتفق عليه المجتمعون، حسب البيان الصادر عن القصر الجمهوري، هو عمليا ما ردّده كل منهم خلال الأزمة: معالجة الخلاف من خلال المؤسسات الدستورية وفقا للدستور والأنظمة والقوانين المرعية الاجراء. عدم السماح لأي خلاف سياسي بأن يهدّد السلم الأهلي.

 

وتفعيل عمل المؤسسات الدستورية كافة، ولا سيما منها مجلس النواب ومجلس الوزراء.

وليس أمرا قليل الدلالات ن يكون الانجاز الكبير هو الاتفاق على القيام بالعمل الطبيعي للمؤسسات. فكل خلاف يشلّ المؤسسات بدل معالجته من خلالها. وكل أزمة تعيدنا الى اللعب بالعصبيات والى مرحلة ما دون الدولة وما فوق الوطن عبر الارتباط بالمحاور الاقليمية، بدل الاحتكام الى المؤسسات. والسؤال البسيط هو: هل صار مقبولا ما كان مرفوضا، وهو التسليم بحكم القضاء في حسم الخلاف على مرسوم الأقدمية أم ان هناك مخرجا من خارج القضاء وتفسير الدستور في البرلمان؟ وهل كان الخلاف على المرسوم مجرّد مسألة تتعلق بالانتظام العام أم انه رأس جبل الجليد الظاهر في محيط رهانات على تبديل اللعبة وقواعدها في النظام؟

من المهم عودة الروح الى التسوية التي جاءت بالعهد والحكومة. لكن الأهم هو العمل بروح التسوية وتطبيق ما اتفق عليه المجتمعون.