IMLebanon

نظريّة «بقرة حاحا»

 

في الأعمّ الأغلب، ستحمل نتائج انتخابات العام 2018، المؤجلة منذ سنوات خمس، مفاجآت كتلك التي حملتها نتائج الانتخابات البلديّة الأخيرة، مع قانون انتخابات كالذي حرم اللبنانيين من حقّهم في تشكيل لوائحهم، ستكون نتائج انتخابات 6 أيار صدمة لكثير من الفرقاء السياسيين!

 

 

نظريّة الدولة «البقرة الحلوب» تعمي أبصار كثير من المرشّحين، والحصانة وعدم المساءلة أمرٌ يغري الطامعين، تماماً كقطعة الجبن من هذا القالب اللبناني «الحرزان»، الدولة «بقرة حلوب» ليس في لبنان وحده بل في العالم العربي الغارق معظم دوله في الفساد والمحسوبيات ونهب ثروات الشعوب، هذه البقرة ـ النظريّة كرّسها الشاعر المصري الراحل أحمد فؤاد نجم عام 1986 في قصيدته «بقرة حاحا»، «ناح النوّاح والنوّاحَة/ على بَقَرِةْ حاحا النطَّاحَة/ والبَقَرًة حَلُوبْ/ حاحا/ تِحْلِبْ قِنْطارْ/ حاحا/ لَكِنْ مَسْلوبْ/حاحا/ مِنْ أَهْلِ الدّارْ/ حاحا/ والدَّارْ بِصْحابْ/ حاحا/ وِحْداشَرْ بابْ/ حاحا/ غيرِ السَّراديبْ/ حاحا/ وجْحُورِ الدِّيبْ/ حاحا/ وِبِيبَانْ الدَّارْ/ حاحا/ واقفين زنّار/حاحا/ وِبْيومْ مَعْلومْ/ حاحا/ عِمْلوها الرُّومْ/ حاحا/ زَقُّوا التِّرْباسْ/ حاحا/ هِرْبوا الحُرّاسْ/حاحا/ دَخَلُوا الخواجاتْ/ حاحا/ شَفَطوا اللَّبَناتْ»، «الشّفط» واحدٌ من مآسي الشعب اللبناني الكبرى، للأسف نحن في دولة فاسدة، وهي تتجلّى في ذرورة فسادها هذه الأيام!

 

 

لطالما ضحكنا لطرفة الرّجل الذي يخاف من الدجاجة، وإنه كلما رأى دجاجة فرَّ منها؛ لأنه يظن نفسه حبة قمح، وأن الدجاجة تريد أن تأكله، المهم عولج الرجل ولم يعد يظن أنه حبة قمح، ولكنه استمر في الهرب كلما رأى أي دجاجة، ولما سئل: لماذا يهرب وهو لم يعُدْ يحسب نفسه حبة قمح؟ قال: «أنا عارفٌ أنني لست بحبَّة قمح، ولكن هل الدجاجة تعرف ذلك؟»..

 

 

يروى أنّ الطبيب الفيلسوف ابن سينا عالج مريضاً كان يعتقد أنه بقرة، ويطلب من أهله أن يذبحوه رافضاً الطعام والشراب إلى أن يفعلوا ذلك، تعامل ابن سينا مع هذا المريض بأن قدِم إليه ومعه السكين وأمر بربطه ليذبحه، وما إن همّ بذلك إلا قال لهم إن هذه البقرة ضعيفة ويجب تسمينها لكي تذبح. وبدأ المريض يأكل بشهية مفتوحة لكي يتم ذبحه سريعاً، ومع الأكل الذي كان قد توقف عنه سابقاً بدأ يستعيد قوته وعافيته وشفيت أعصابه بل شفي تماماً وعاد لصوابه… وهذا الأسلوب الذي اعتمده ابن سينا يعرف بأسلوب العلاج بالتخييل، بزرع صور معينة في ذهن المريض نفسياً تساعده على تجاوز الحالة التي يعيشها.

 

 

كيف نتجاوز في لبنان حالة المريض الذي يشعر أنه بقرة ويطلب أن يُذبح ـ مع فرط إحساسنا بأننا نعامل على هذا الأساس وليس في الحالة مرض نفسي أو عقلي ـ أو من حالة الإحساس بأننا حبّة القمح، أساساً درسونا وقشرونا ونقدونا، كيف نتجاوز هذه الإحساس، قد نكون كشعب بحاجة إلى شعب من الأطباء المعالجين يكونون بمستوى الفيلسوف الطبيب ابن سينا، ومعه مئات من الطبيب أبو بكر الرازي، وقد لا نشفى!

 

 

رسميّاً دخلنا دوّامة السباق إلى المجلس ووسط هذا المشهد لن يلبث أن يتحوّل لبنان إلى «عصفوريّة»، سيشبه حالنا تلك اللعبة الأنترنتيّة واسمها «مستشفى المجانين» تنطبق على حال لبنان وشعبه الذي ليس له «لا في العير ولا النفير»، وتختصر اللعبة حال المواطن اللبناني فتشرح نفسها باختصار: «أنت مريض في مستشفى المجانين وتسعى للهرب من خلال الأبواب الخفية، ابحث عن المفاتيح وافتح الأبواب للهروب»، مع فارق واحد لا مفاتيح للهرب من لبنان ولا أبواب خفيّة، فأبوابه كلّها مشرّعة على الجنون!!