Site icon IMLebanon

رئاسة الجمهوريّة تشكّل إحباطاً لمن يتعاطى فيها… واستحقاقها مؤجّل لودريان غادر كما أتى… ولم يحمل جديداً سوى المرشح الثالث دون تجاوب 

 

غادر الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف – لودريان لبنان كما اتى، وكما يقول المثل الشعبي “ايد من ورا وايد من قدام”، فهو في زيارته الاخيرة لم يحمل جديدا، ووصفت الزيارة بالاستطلاعية كما سابقاتها ، وكل ما فعله انه شجع على انتخاب رئيس للجمهورية وان يكون الحل لبنانيا، لان الدول المعنية بمساعدة لبنان، وهي مكونة من خمسة اعضاء هم اميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، تسعى الى انجاز الاستحقاق الرئاسي، وهي دائما في تشاور وتنسيق، لكنها تريد تعاون اللبنانيين معها وهذا لم يتوافر بعد، يقول من التقى لودريان، الذي ابدى اسفه الا يتمكن الاطراف اللبنانيون من تخطي الازمة الرئاسية بعد نحو اكثر من عام ونصف العام على الشغور الرئاسي.

 

ترك لودريان لبنان وهو مصاب باحباط، وتوقع مستقبلا سياسيا سيئا للبنان، لانه لم يسمع من القوى السياسية او الكتل النيابية التي التقاها، الا الكلام نفسه الذي سمعه منذ تكليفه الملف الرئاسي خصوصا واللبناني عموما، فكل طرف متمسك بمرشحه ولا يفتح طريقا للحلول، وقد سبق للموفد الرئاسي ان طرح في شهر آب الماضي اسئلة على الكتل النيابية لتعطي اجوبة عليها، كي يحرك الجمود الرئاسي في ايلول الماضي، وهو الموعد الذي التقى عليه مع الرئيس نبيه بري، الذي اقترح حوارا بين النواب في البرلمان لمدة سبعة ايام يتبعه انتخاب رئيس للجمهورية في جلسات، سواء تم التوافق على مرشح او لم يحصل، الا ان المبادرة اسقطها الفريق الذي يمثل الكتل المسيحية النيابية الاساسية، فوقف رئيس المجلس النيابي عند رأي الغالبية المسيحية النيابية، وعلق مبادرته.

 

وكما اسئلة لودريان الى النواب ومبادرته لخيار او مرشح ثالث وكذلك مبادرة بري، فان “اللجنة الخماسية” ليست بوضع افضل بعد جولاتها المكوكية ولقاءاتها مجتمعة او منفردة، فهي ما زالت تراوح مكانها ، وكل ما قدمته منذ نحو شهرين مبادرة للتشاور والانتخاب، وحددت موعدا ليكون للبنان رئيس للجمهورية في نهاية ايار الحالي، لكنها لم توفق في جهودها حيث يمر اعضاؤها بمرحلة احباط ايضا، وهي الحال التي خرج منها لودريان.

 

كما ان مناخا نيابيا وآخر سياسيا يسود بأن مجلس النواب الحالي لن ينتخب رئيس للجمهورية، وهذا ما عبر عنه نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب والنائب فيصل كرامي في مصارحة للبنانيين، الذين اعتادوا الا يكون لهم رئيس للجمهورية، اذ مروا في حالات مشابهة سميت مراحل انتقالية، والسبب في ذلك يعود الى ان لبنان لا يصنع رئيسه بل يُصنع لهم، وهذا ما تثبته وقائع الاستحقاقات الرئاسية منذ الاستقلال حتى عهد الرئيس ميشال عون، الذي اتى بعد شغور دام عامين ونصف العام.

 

من هنا، فان انتخابات رئاسة الجمورية مؤجلة، وما قيل عن مواعيد لحصولها في حزيران او تموز او بعد الانتخابات الرئاسية الاميركية في تشرين الثاني المقبل، كلها تكهنات لا ترتبط بمعلومات او وقائع، يقول مصدر نيابي على تماس مع الاستحقاق الرئاسي، الذي لم تحركه زيارة لودريان الذي شدد على من التقاهم ان العبور الى تسوية رئاسية بمرشح ثالث يكون على حد ما توافقيا، وهو الحل الذي يراه لودريان بانه يؤدي الى فتح باب الحوار او التشاور والتوافق.

 

ويؤكد المصدر ان لودريان لم يلق التجاوب مع اقتراحه الجديد – القديم، الذي اعتبره الاكثر عقلانية ويجب التركيز عليه، لكنه لم يلق قبولا عند “الثنائي الشيعي ” كما عند المرشح سليمان فرنجية، الذي ابلغ الموفد الفرنسي بانه لن ينسحب من الترشيح الذي سوّقه لودريان في مرحلة سابقة، لان فرنجية حصل على تأييد فرنسي له في العام 2016، واتصل به الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند مهنئاً، بعد ان نال دعم الرئيس بري والرئيس سعد الحريري ورئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط، ولم يضع حزب الله “فيتو” عليه، لا بل يعتبره مرشحه، لكن تقدم العماد ميشال عون عليه، لان وعداً أعطي له، فخرج فرنجية من المنافسة، بعد ان تمت التسوية الرئاسية بين “تيار المستقبل” و “التيار الوطني الحر”، وانضم اليها حزب “القوات اللبنانية” من خلال “اتفاق معراب”.

 

فلا حل قريباً لشغور رئاسة الجمهورية، لان لبنان هو جزء من المنطقة، التي سترسم خارطتها حرب غزة ونتائجها، ويشارك حزب الله في المساندة عبر المواجهة العسكرية في الجنوب ضد العدو الاسرائيلي. فالاستحقاق الرئاسي الذي يحتل الاولوية اللبنانية والمساعدة الخارجية للحل، الا انه سيبقى على لائحة الانتظار، لانه من الصعب فك ارتباط رئاسة الجمهورية بالحرب على غزة والمواجهات العسكرية في ساحات المقاومة، لانه لا يمكن ان يأتي رئيس للجمهورية ليس من صلب معادلة المقاومة.