يبدو ان بورصة التهديدات “الاسرائيلية”، والتنبيهات الديبلوماسية، والاتصالات الدولية للجم اي تدهور على الحدود الجنوبية، قد رست على معادلة خطرة، رغم كل التصعيد الكلامي، حديها: “اسرائيل لا تريد الحرب لكنها قد تُضطر اليها”، في مقابل “حزب الله لا يريدها، لكنه جاهز لها اذا وقعت”، اما معادلة رئاسة الجمهورية فان حساباتها مختلفة، حيث معادلات الردع لا دور لها، فالمعركة على “حد السكين”، والغلبة للاقوى في الشارع وفي المجلس.
فقد عكست زيارة امين سر دولة الفاتيكان الى لبنان، التقاطع والتنسيق الاميركي- الفاتيكاني حول لبنان، والاهم الاهتمام المعطى من قبل الطرفين لملف الوجود المسيحي، نتيجة اعتبارات كثيرة، عززته المواقف الصادرة عن البطريرك الماروني من جهة، وتراجع الجامعة العربية عن تصريحات امينها العام المساعد، الذي جاء من أجل اعادة التوازن للمحور المناهض لحارة حريك.
تحت هذا السقف جاء ييان المعارضة “الانقاذي”، ليؤكد المؤكد ويتثبّت الشرخ الداخلي أكان رئاسيا او “حدوديا”، عشية اللقاء المرتقب بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان والوسيط الاميركي اموس هوكشتاين في باريس، الذي سيحمل معه صيغة حدودية تمت مناقشتها مع المعنيين خلال زيارته الى لبنان، اضافة الى مناقشة المستجدات الرئاسية، رغم ميل مصادر ديبلوماسية الى وصف اجتماعهما بالمضيعة للوقت، فاحدا غير مستعد لتقديم اوراق رابحة لرئيس يخسر الاكثرية، ولآخر بات قاب قوسين او ادنى من مغادرة موقعه.
المصادر التي ابدت “تفاؤلا” حذرا في ما خص احداث خرق في ملف رئاسة الجمهورية، انطلاقا من تجربة 2016 وما تبعها من تداعيات، رأت ان ثمة قناعة لدى المعنيين في الخارج ان “الخيار الثالث” بات عمليا خارج المعركة الرئاسية، وان مربع المواصفات عاد الى نقطته الاولى وسط تشدد اميركي، وتراجع باقي الاطراف عن الساحة.
اوساط في الثامن من آذار رأت ان ما يحكى عنه من مواصفات رئاسية قد وضعها امين سر دولة الفاتيكان، ينطبق على المرشح سليمان فرنجية، الجدي الوحيد حتى الساعة، لجهة اعلانه صراحة خوض المواجهة، وبالتالي فان المطلوب اليوم معرفة مدى مطابقة تلك المواصفات على المرشحين الباقين، علما ان غالبيتهم من العسكر، وبالتالي لا مواقف سياسية لهم، خصوصا من تلك الملفات تحديدا.
وكشفت الاوساط ان امكان احداث خرق في غضون الشهرين المقبلين، أي عشية الانتخابات الاميركية، باتت امكانيته مرتفعة، مرجحة في هذه الحال انتخاب “بيك زغرتا”، متوقعة تكرار سيناريو 2016 في حال توقف الحرب في غزة، وهو ما اوحى به قرار الحكومة “الاسرائيلية” بالانتقال الى المرحلة الثالثة، معتبرة ان السقف الزمني لكلمة نتانياهو امام الكونغرس حاسم لجهة الكثير من القرارات.
واشارت المصادر بان “الخيار الثالث” الذي سوقت له كل من باريس وقطر قد سقط نهائيا، والامور سائرة نحو مواجهة بين مرشحين من محورين، فباريس ملتهية بلملمة هزيمة حزبها الحاكم، والدوحة اصطدمت بمعارضة اميركية- خليجية كبيرة نتيجة ذهابها بعيدا في خياراتها، وما كلام الفاتيكاني من بيروت حول اتفاق الطائف وضرورة تطبيقه بدقة، الا ضربا وحرقا للمسار القطري، الذي عمل خلال الاسابيع الاخيرة على التحضير لورقة تتناول تغييرات في النظام اللبناني.
وختمت المصادر بالتأكيد ان الايام المقبلة ستظهر ان الكرة في يد المعارضة واطيافها، للاتفاق على اسم لطرحه لخوض المواجهة في المجلس النيابي، والتي بنهايتها سيكون للبنان هذه المرة رئيس منتخب، غامزة من قناة التجربة التاريخية بان رؤساء جمهورية دولة ما بعد الطائف، هم دائما من محور المقاومة او حلفاء له، وفقا للتوازنات التي افرزها الاخير.